recent
أخبار ساخنة

**"الصعيدي": رحلة متشابكة في هشاشة الوجود وجماليات الأمل**

الصفحة الرئيسية

 

**"الصعيدي": رحلة متشابكة في هشاشة الوجود وجماليات الأمل**

 

تُطل علينا الروائية فاطمة العوا بعمل أدبي لافت يحمل عنوان "الصعيدي"، وهو عنوان يختزل في طياته الكثير من الدلالات الثقافية والاجتماعية، لكنه في هذا السياق يتجاوز المحلية ليصبح رمزًا لرحلة إنسانية أوسع وأعمق. تقدم لنا العوا في هذا العمل سردًا طموحًا يأخذ القارئ في جولة ماراثونية عبر قارات وثقافات، متتبعًا خطى شخصية "الصعيدي" المحورية، التي تُصبح بمثابة العدسة التي نرى من خلالها تشابكات الحياة وتعقيداتها.

تُطل علينا الروائية فاطمة العوا بعمل أدبي لافت يحمل عنوان "الصعيدي"، وهو عنوان يختزل في طياته الكثير من الدلالات الثقافية والاجتماعية، لكنه في هذا السياق يتجاوز المحلية ليصبح رمزًا لرحلة إنسانية أوسع وأعمق. تقدم لنا العوا في هذا العمل سردًا طموحًا يأخذ القارئ في جولة ماراثونية عبر قارات وثقافات، متتبعًا خطى شخصية "الصعيدي" المحورية، التي تُصبح بمثابة العدسة التي نرى من خلالها تشابكات الحياة وتعقيداتها.
**"الصعيدي": رحلة متشابكة في هشاشة الوجود وجماليات الأمل**


**"الصعيدي": رحلة متشابكة في هشاشة الوجود وجماليات الأمل**

أنطلاق الرواية

تنطلق الرواية من أرض سوريا، تلك البقعة التي شهدت ولا تزال تشهد تحولات جذرية،

 لتنسج خيوطها نحو إنجلترا، مرورًا بمحطات فارقة في تركيا ومصر – وتحديدًا صعيدها الذي يحمل الاسم رمزيته – وإيران. هذا الامتداد الجغرافي ليس مجرد خلفية للأحداث، بل هو جزء لا يتجزأ من بنية الرواية وتطور شخصياتها. فكل مكان يترك بصمته على "الصعيدي" وعلى من يلتقيهم، وكل انتقال يمثل تحديًا جديدًا وفرصة لاكتشاف طبقات أخرى من الذات والعالم.

 

  • ما يميز "الصعيدي" هو ابتعادها عن البناء السردي التقليدي، حيث تغوص بنا الكاتبة في "متاهة
  •  تشابكية غير تقليدية بين شخصيات الرواية". هذا الوصف يشير إلى بنية سردية قد تعتمد على
  •  تقاطعات غير متوقعة، وتداخلات قدرية تربط بين مصائر تبدو للوهلة الأولى متباعدة. إنها الحياة في
  •  أصدق صورها، حيث تتشابك المسارات وتتداخل القصص بطرق لا يمكن التنبؤ بها دائمًا. هذا
  •  الأسلوب يتطلب من القارئ انتباهًا ويقظة، لكنه يكافئه بتجربة قرائية غنية بالتفاصيل والمفاجآت.

 شخصيات متنوعة

يفيض العمل بشخصيات من جنسيات متنوعة، وهو ما يعكس عالمنا المعاصر الذي أصبح قرية كونية صغيرة. 

لا تكتفي العوا بتقديم هذه الشخصيات كعناصر ثانوية، بل تمنح كلاً منها دورًا حيويًا ومؤثرًا في حياة البطل الرئيسي، "الصعيدي". من خلال تفاعلاته مع هذه الشخصيات، نتعرف على أبعاد مختلفة من شخصيته، ونرى كيف تتشكل هويته وتتطور رؤيته للعالم. الأهم من ذلك، تبرز الرواية كيف يمكن للحياة، بأقدارها العجيبة، أن تربط بين أناس من خلفيات متباينة، لتخلق بينهم روابط إنسانية قد تكون عابرة أو عميقة، لكنها بالتأكيد تترك أثرًا لا يُمحى.

 

  1. تتجلى براعة فاطمة العوا في قدرتها على "تشريح التفاصيل وتقديمها للقارئ كوجبة مشبعة". هذا
  2.  يعني أن الكاتبة لا تمر على الأحداث والمواقف مرور الكرام، بل تغوص في أعماقها، تستخرج منها
  3.  دقائق الأمور، وترسمها بكلمات دقيقة وموحية. هذه "الفنيات الكتابية البديعة" التي "ترقى إلى
  4.  الحدث" تشير إلى لغة سردية قوية، قادرة على تجسيد المشاعر والأفكار، ونقل القارئ إلى قلب
  5.  العوالم التي تصفها، سواء كانت شوارع دمشق الصاخبة، أو ضباب لندن الكثيف، أو روحانية إيران
  6.  أو أصالة صعيد مصر.

 أبرز المحاور الفكرية

أحد أبرز المحاور الفكرية التي تستكشفها الرواية هو "هشاشة الوجود الإنساني". في عالم مليء بالتقلبات والنزاعات والأحداث المؤسفة،

 يبدو الإنسان كائنًا ضعيفًا أمام قوى أكبر منه. لكن "الصعيدي" لا تقف عند حدود هذا التشخيص، بل تتجاوزه لتكشف عن قدرة هذا الوجود الهش على "خلق الجمال والأمل رغم كل الظروف المحيطة". إنها دعوة للتأمل في المرونة البشرية، وفي تلك الشرارة الداخلية التي تدفع الإنسان للبحث عن النور حتى في أحلك الظلمات.

 

  • تكمن قوة الرواية في أنها لا تقدم إجابات جاهزة، بل تطرح أسئلة، وتدفع القارئ للتفكير في قضايا
  •  جوهرية كالهوية، والانتماء، والبحث عن المعنى في خضم الفوضى. من خلال رحلة "الصعيدي"
  •  المتعددة الأوجه، نرى كيف يمكن للتجارب القاسية أن تصقل الروح، وكيف يمكن للقاءات العابرة أن
  •  تغير مسار حياة بأكملها.

 

في الختام

 تبدو رواية "الصعيدي" لفاطمة العوا عملًا أدبيًا جادًا وعميقًا، يجمع بين متعة الحكي والعمق الفكري. إنها رواية تتطلب من قارئها صبرًا وتأملاً، لكنها تعده في المقابل برحلة استكشافية ثرية في دروب النفس البشرية وتقاطعات المصائر. 

عبر تتبعها لمسار "الصعيدي" وشبكة علاقاته الممتدة، تقدم لنا العوا فسيفساء إنسانية معقدة، تحتفي بالقدرة على الصمود، وبالبحث الدؤوب عن الجمال والأمل في عالم يبدو أحيانًا قاسيًا ومربكًا. إنها إضافة قيمة للمكتبة العربية، تستحق القراءة والاحتفاء بها.

**"الصعيدي": رحلة متشابكة في هشاشة الوجود وجماليات الأمل**


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات

    google-playkhamsatmostaqltradent