recent
أخبار ساخنة

**"رغبة ما بعد الرأسمالية": شهادة فكرية أخيرة من مارك فيشر على حافة الأمل واليأس**

الصفحة الرئيسية

 

**"رغبة ما بعد الرأسمالية": شهادة فكرية أخيرة من مارك فيشر على حافة الأمل واليأس**

 

يعدّ كتاب "رغبة ما بعد الرأسمالية" للمفكر والناقد الثقافي البريطاني الراحل مارك فيشر (1968-2017) وثيقة فكرية فريدة ومؤثرة، فهو ليس مجرد تجميع لمحاضرات أكاديمية، بل هو بمثابة شهادة حية على الأفكار الأخيرة التي شغلت عقل فيشر، وأشبه بنافذة نطل منها على مشروعه الفكري الذي لم يكتمل، "شيوعية حبوب الهلوسة". يقدم الكتاب للقارئ العربي فرصة نادرة للولوج إلى عوالم فيشر النظرية، واستكشاف رؤيته الثاقبة والنقدية للرأسمالية المعاصرة، وتطلعاته المحمومة نحو مستقبل مغاير.

يعدّ كتاب "رغبة ما بعد الرأسمالية" للمفكر والناقد الثقافي البريطاني الراحل مارك فيشر (1968-2017) وثيقة فكرية فريدة ومؤثرة، فهو ليس مجرد تجميع لمحاضرات أكاديمية، بل هو بمثابة شهادة حية على الأفكار الأخيرة التي شغلت عقل فيشر، وأشبه بنافذة نطل منها على مشروعه الفكري الذي لم يكتمل، "شيوعية حبوب الهلوسة". يقدم الكتاب للقارئ العربي فرصة نادرة للولوج إلى عوالم فيشر النظرية، واستكشاف رؤيته الثاقبة والنقدية للرأسمالية المعاصرة، وتطلعاته المحمومة نحو مستقبل مغاير.
**"رغبة ما بعد الرأسمالية": شهادة فكرية أخيرة من مارك فيشر على حافة الأمل واليأس**


**"رغبة ما بعد الرأسمالية": شهادة فكرية أخيرة من مارك فيشر على حافة الأمل واليأس**

صدور العمل

صدر هذا العمل بعد وفاة فيشر المأساوية، وهو يضم في طياته المحاضرات الخمس الأخيرة التي ألقاها على طلابه في قسم الدراسات الثقافية بجامعة "غولدسميثز" المرموقة بلندن، 

وذلك قبيل عطلة عيد الميلاد لعام 2016. كانت هذه المحاضرات جزءًا من مساق دراسي طموح صممه فيشر بنفسه، مكونًا من خمس عشرة محاضرة، بهدف استكشاف آفاق "ما بعد الرأسمالية". لم يكن أحد يتوقع أن تكون المحاضرة الخامسة هي الختام.

  • حيث انقطع المسار الدراسي بشكل مفجع حين وضع فيشر، المعروف بمدونته الشهيرة "k-punk"
  • وتحليلاته العميقة للثقافة الشعبية والسياسة، حدًا لحياته، تاركًا وراءه فراغًا كبيرًا في المشهد الفكري
  •  المعاصر، ومشروعًا فكريًا واعدًا ظل في طور التكوين.

 رحلتة الفكرية

يبدأ فيشر رحلته الفكرية في هذه المحاضرات بالتساؤل الجوهري حول معنى ومفهوم "ما بعد الرأسمالية"،

 وهو سؤال لا يكتفي فيه بالاستعراض النظري، بل يغوص في جذوره الفلسفية والنفسية والاجتماعية. يتتبع الكتاب ببراعة العلاقة المعقدة والمتشابكة بين "الرغبة" كقوة محركة أساسية في الكيان الإنساني، وبين "الرأسمالية" كنظام اقتصادي واجتماعي وثقافي هيمن على تشكيل هذه الرغبة وتوجيهها، بل واستغلالها.

  1.  في هذا السياق، يستحضر فيشر إرثًا فكريًا غنيًا، محاورًا ومنتقدًا ومستلهمًا من عمالقة الفكر مثل
  2.  سيغموند فرويد في تحليلاته للرغبة واللاوعي، وهربرت ماركوزه في نقده للمجتمع الصناعي المتقدم
  3.  وقمع الرغبات التحررية، وجورج لوكاتش في رؤيته للتشيؤ والاغتراب، وجان فرانسوا ليوتار في
  4.  استكشافاته للاقتصاد الليبيديني.

 أهمية الكتاب

**"رغبة ما بعد الرأسمالية": شهادة فكرية أخيرة من مارك فيشر على حافة الأمل واليأس**

لا تقتصر أهمية الكتاب على عمقه النظري، بل تمتد إلى الأسلوب الفريد الذي قُدّم به. فقد تم تفريغ المحاضرات كما هي، بكل ما تحمله من حيوية وتلقائية.

 يسمع القارئ صوت فيشر، بلكنته المميزة، يتأرجح بين اليأس العميق الذي استشعره تجاه الواقع الرأسمالي المعاصر وما أسماه بـ"الواقعية الرأسمالية" – أي الاقتناع السائد بأنه لا يوجد بديل قابل للتطبيق للرأسمالية – وبين البحث الدؤوب عن بصيص أمل، عن إمكانية لتجاوز هذا الواقع.

  •  تتخلل المحاضرات ضحكاته، مقاطعات طلابه وأسئلتهم، أصوات زحزحة المقاعد، وفتح الباب، مما
  •  يمنح القارئ تجربة فريدة، وكأنه حاضر بالفعل في قاعة المحاضرات، يشارك في هذا الحوار الفكري
  •  المفعم بالحياة.

 

يستعيد فيشر في هذه المحاضرات إرث الثقافة المضادة في سبعينيات القرن الماضي، ليس كحنين رومانسي إلى الماضي، بل كمحاولة لاستخلاص الدروس والعبر، وللتفكير في "شبح عالمٍ كان يُمكن أن يكون حرّاً". 

إنه يبحث في تلك اللحظات التاريخية التي بدت فيها إمكانية التغيير الجذري وشيكة، محاولًا فهم أسباب إخفاقها وكيف يمكن استلهام زخمها من جديد.

الختام 

في نهاية المطاف، يطرح كتاب "رغبة ما بعد الرأسمالية" أسئلة نظرية وتاريخية إشكالية وملحة تخصّ عصرنا الحالي. إنه دعوة للتفكير النقدي في طبيعة الرغبات التي تشكلنا، وفي الأنظمة التي تسعى للسيطرة عليها، وفي إمكانية بناء مستقبل لا تكون فيه الرغبة مجرد وقود للآلة الرأسمالية، بل قوة دافعة نحو التحرر والإبداع الإنساني.

 يظل هذا الكتاب بمثابة وصية فكرية مؤثرة، ونافذة على عقل لامع كافح حتى اللحظة الأخيرة من أجل فهم العالم وتغييره.

**"رغبة ما بعد الرأسمالية": شهادة فكرية أخيرة من مارك فيشر على حافة الأمل واليأس**


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات

    google-playkhamsatmostaqltradent