## «السحر» بين المعتقد الشعبي والواقع: دراسة في المفاهيم الخاطئة
يُشكّل السحر ظاهرةً
مُعقّدةً ومتشابكةً مع ثقافات الشعوب المختلفة، ويمتدّ تاريخه عبر العصور. ففي مصر، كما في العديد من المجتمعات، لا يزال السحر يحظى بانتشارٍ واسعٍ، مُشكّلاً
جزءاً لا يتجزّأ من المعتقدات الشعبية، رغم ما يكتنفه من مفاهيم خاطئةٍ وأخطاءٍ
منطقية.
## «السحر» بين المعتقد الشعبي والواقع: دراسة في المفاهيم الخاطئة |
يهدف هذا المقال إلى
استعراض دراسةٍ أكاديميةٍ تُناقش هذه المفاهيم، مُسلّطاً الضوء على جوانبها
المختلفة، بدءاً من تعريفه اللغوي وانتهاءً بدوافعه الاجتماعية ونشأته التاريخية.
السحر في اللغة والمعنى
يُعرّف قاموسُ اللغة العربية "السحر" بمجموعةٍ من المعاني، تتراوح بين الخدعة وإظهار الباطل على هيئة الحق. ففي "المصباح المنير"، يُعرّف السحر بأنه "إخراج الباطل في صورة الحق"، بينما يُشير "لسان العرب" إلى صرفه عن حقيقته إلى غيرها.
- ويُلاحظ أن بعض التعريفات تشمل استخدام السحر في الإيذاء
- حيث يُقال "سحره بكذا" بمعنى خدعه وسلب لبه.
- وهذه المعاني المتعددة تُظهر مدى تعقيد المفهوم وتداخله
- مع مفاهيم أخرى كالخداع
والتلاعب.
التفريق بين السحر والمعجزات والكرامات
يُبرز الباحثون أهمية التمييز بين "السحر" و"الكرامات" و"المعجزات". فبينما يُعتبر السحر عملاً مكتسباً يُتقن بالتعلّم والممارسة، كما يُشير ابن خلدون، فإنّ الكرامات تُنسب إلى الأولياء الصالحين، وهي أفعالٌ خيريةٌ لا تتضمّن الشرّ.
- أما المعجزات، فهي حصرٌ على الأنبياء والرسل
- وهي قوى إلهيةٌ مُؤيّدةٌ بروح الله
- على عكس السحر الذي ينبع من قوة الساحر النفسية.
- هذا التمييز الأساسي يُحدد حدود
كلّ مفهومٍ ومكانته ضمن السياق الديني والثقافي.
أنواع السحر في المعتقد الشعبي
تُقسم الدراسةُ أنواعَ
السحرِ في المعتقداتِ الشعبيةِ إلى قسمين رئيسيين: السحر الرفاعي والسحر العدواني. يُستخدم السحر الرفاعي لأغراضٍ نافعة، كالتداويوالتنبؤ بالمستقبل، بينما يستخدم السحر العدواني لإيذاء الآخرين وتحقيق مصالح
شخصية. وتلعب دورة القمر دوراً هامّاً في
نجاح العملية السحرية، حيث يُعتقد أنّ السحر الرفاعي ينجح في النصف الأول من الشهر
القمري، والسحر العدواني في النصف الثاني.
- ويُعتبر تصنيفُ الألوان من أشهرِ التقسيماتِ الخاصةِ بالسحر
- حيث يُرمزُ اللونُ إلى الغرضِ المرجو من العملية.
- فالسحر الأبيض يُرتبطُ بالنفعِ
والخير، بينما يُرتبطُ السحرُ الأسودُ بالإيذاءِ والشر.
السحر في مصر القديمة والحديثة
اشتهرت مصر قديماً بأنها أرض السحر والسحرة، حيث استخدم المصريون القدماء التمائم والتعاويذ والرقى لحماية أنفسهم من القوى الخفية. كان الهدفُ من هذا كله هو حماية حياة الإنسان والآلهة، واستخدم السحر في علاج الأمراض ودرء الخطر.
- ولم يُمارَس لإيذاء الآخرين. لكن مع مرور الزمن
- تحوّل السحر إلى ظاهرةٍ اجتماعيةٍ مُنتشرة
- خاصةً في الحريم السلطاني، حيث استُخدمَ للتنافسِ والتآمرِ بين الزوجات.
- وقد انتقلت هذه الممارسات إلى العامة،
مُستخدمةً في العديد من العادات والتقاليد الشعبية.
دوافع ممارسة السحر
تُبرز الدراسةُ العديدَ
من الدوافعِ وراءَ ممارسةِ السحر، منها: الرغبة في مساعدة الآخرين، أو السعي
لاكتسابِ مكانةٍ خاصةٍ داخل المجتمع، أو التخلص من الأعداء. وتُلعبُ العواملُ الشخصيةُ دوراً هامّاً في
تحديدِ نوعِ السحرِ المُمارسِ وأهدافه.
دور الوراثة في ممارسة السحر
تلعبُ الوراثةُ دوراً رئيسياً في انتقال مهنةِ السحرِ من جيلٍ إلى جيل. فكثيراً ما يتعلّم الساحرُ المهنةَ من والده أو من أحدِ السحرةِ المُحترفين
- ويرثُ سمعته وعملاءه.
- وهذا يُشير إلى وجودِ بنيةٍ اجتماعيةٍ مُنظّمةٍ
- حول هذه الممارسات.
الختام
يُظهر هذا العرضُ
الموجزُ للدراسةِ الأكاديميةِ حول السحر في المعتقد الشعبي مدى تعقيد الظاهرة
وتشابكها مع الجوانب الثقافية والدينية والاجتماعية. فالسحر ليس مجرد خرافةٍ أو ممارسةٍ عابرة، بل
هو انعكاسٌ لواقعٍ اجتماعيٍّ مُعقّد،
يُبرزُ حاجةَ الإنسانِ إلى تفسيرِ الظواهرِ الغامضةِ وتجاوزِ مخاوفه. ويكشف أيضاً عن الحاجة إلى فهم أعمق لهذه
المعتقدات وفهم دوافعها، للوصول إلى فهمٍ شاملٍ لتاريخنا وثقافتنا. إنّ دراسةَ هذه الظاهرة بمنهجيةٍ علميةٍ
تُساعدنا على تفكيكِ المفاهيمِ الخاطئةِ المُرتبطة بها، والعملِ على نشرِ الوعيِ
وتصحيحِ المعلومات.