"الحب في ضراوة الاحتلال"
في المشهد الأدبي المعاصر، لا كإضافة عددية إلى
مكتبة أدب الحرب والاحتلال، بل كعملية تشريح دراقي، الذي طالما كان معجونًا بدماء
الحروب ومرارة الغياب، تبرز الرقيقة ومؤلمة لمفهوم الانتماء والعودة، وللشرخ
الوجودي الذي يفواية كشكل فني قادر على تشريح الجروح العميقة التي حفرتها عقود من
الاضصل بين ذاكرة المنفى وواقع الوطن المدمر.
![]() |
"الحب في ضراوة الاحتلال" |
- تقدم الرواية سردية مركبة تتجاوز التطراب في الروح والمكان. ومن هذا المنطلق، تأتي رواية
- "الحب في ضراوة الاحتلال"وثيق السطحي لأحداث الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، لتغوص
- في الأع (ببلومانيا للنشر والتوزيع، 2024) للروائي فاضل خضيرماق النفسية لشخصياتها، وتطرح
- أسئلة جريئة حول المسؤولية الفردية والجما، لا لتكون مجرد سردية أخرى عن الحرب، بل لتغدو
- تحقيقًا أدبيًا عميقًا في طبيعية في انهيار وطن بأسره.
**سردية العائد: عين الكاميرا وذاكرة الغريبعة
الخراب، وإشكالية الهوية، وجدلية الذنب التي تطارد العراقي في الداخل وال**
تتخذ الرواية من شخصية (سامر)، المهاجر العائد
إلى وطنه عشية الاحتلالمنفى على حد سواء.
تدور الرواية حول "سامر"، المهاجر العائد إلى وطنه عش بعد اغتراب دام ربع قرن، بؤرة سردية أساسية. لكن سامر ليس بطلًا بالية الاحتلال الأمريكي عام 2003، بعد اغتراب قسري دام أكثر من ربع قرمعنى التقليدي، بل هو أقرب إلى "عين الكاميرا" الحيادية، التي تسجل الخراب بمن..
- هذه العودة ليست مجرد رحلة مادية، بل هي اصطدام عنيف بين ذاكرة مجوضوعية باردة في البداية.
- هذه التقنية السردية هي اختيار ذكي من الكاتب، لأنمدة عند لحظة الرحيل، وواقع سحقته سنوات من
- الحروب الضارية، والحصار الخانق، وأها تجسد غربة سامر المزدوجة
غربته عن المكان الذي تغير حتى لم يعد يتعرف عليه، وغخيرًا، وطأة
الاحتلال. يقدم خضير شخصية سامر كـ"عين كاميرا" محايدة في ظاهرها، لكنها
في الحقيقة عدسة مكبرة ترصد تفاصيل الانهيار الشربته عن الزمن الذي لم يعشه. فهو
يعود بـ"ذاكرة معطوبة"، ذاكرة توقفت عند عراق ما قبل الحروب والحصار،
مما يجعله طارئًا على الأحداث، وعامل؛ انهيار المكان، والزمان، والإنسان.
**المنفى كذاكرة معطوبةاجزًا عن أن يكون فاعلًا حقيقيًا. يقول محدثًا نفسه في حالة من الذهول وال غربة داخل الوطن**
إن المأزق الوجودي لسامر ينبع من كونه شخصيةضياع:
"مع الاستمرار في السير رحت أفقد كثيرًا من تصوراتي للأماكن حتى شعرت بالغربة
من هول المتغيرات، أصبحت وكأني قد فقدت ذاكرتي أو ثمة ه طارئة على زمن الحدث. فهو
لم يعش تفاصيل الجحيم العراقي الذي سبق الاحتلال، منوس داهمني (ص 9)".
- هذه الغربة ليست مجرد شعور عابر، بل هي المح الحرب مع إيران إلى حروب التسعينات. ذاكرته،
- بالتالي، هي "ذاكرة معطوبة"، لا ترك الأساسي الذي يدفع سامر للبحث عن نقاط ارتكاز في ماضيه
- أصدقاؤهملك الأدوات لفهم التحولات الجذرية التي طرأت على الشخوص والأماكن. شعوره بالغ،
- وحبه الأول (رقية).
لكن رحلة البحث هذه لا تقوده إلى استعادة الماضي، بل إلى مواربة ليس مجرد حنين، بل
هو عجز إدراكي يصفه بمرارة: "مع الاستمرار في السير رحت أفقد كثيراً من
تصوراتي للأماكن حتى شعرت بالغربة من هول المتغيرات".جهة حاضره المأساوي،
وإلى اكتشاف أن الخراب لم يطل الحجر فقط، بل طال هذا الإحساس يجعله غريبًا ليس فقط
عن وطنه، بل عن ذاته التي تشكلت في الأرواح والنفوس والعلاقات الإنسانية بشكل لا
رجعة فيه.
**بوليفونية الأصوات لغة الألم في مواجهة لغة الاغتراب**
من أبرز السمات الفنية في سياق مختلف تمامًا.
يستخدم الروائي تقنية السرد بضمير الأنا ليج الرواية هي المفارقة اللغوية الحادة بين صوت السارد (سامر) وأصوات الشخصياتعلنا شركاء في صدمة سامر. نحن نرى الخراب من خلال عينيه، ونشعر بض الأخرى التي بقيت في العراق. لغة سامر، في معظم فصول الرواية الأولى، هي لغة وصفيةياعه وهو يتلمس طريقه بين أنقاض ذاكرته.
- هذه التقنية تخدم هدفًا مزدوجًا: فهي، تسجيلية، تبصر الدمار ولا تعلق عليه بعمق انفعالي. أما لغة
- الشخصيات الأخرى – توثق حجم الدمار المادي، وفي الوقت نفسه، تكشف عن الدمار النفسي
- لشخصية الع رقية، وصديقه الأعمى نصير، والأسير السابق زهير – فهي لغة شعرية،ائد الذي
- يكتشف أن مفتاح العودة لم يعد يناسب قفل
الوطن.
**بوليفونية الألم مكثفة، ومحملة بمرارة التجربة
الحية. إنها لغة تنطق بالفقدان تعدد الأصوات في زمن السقوط**
أحد أبرز مكامن القوة في الرواية هو الانتق والحسرة، وتكشف عن عمق العطب الداخلي الذي أحدثته سنوات الحرب والقمع والاحتلال.
ال من صوت سامر "التسجيلي" إلى أصوات
الشخصيات الأخرى التي عاشت المأساة بكيتجلى هذا التباين بأقوى صوره في الحوارات
بين سامر ورقية. رسالتامل تفاصيلها. هنا، تتحول اللغة من الوصف الخارجي إلى
الشعرية المكثفة التي تنها إليه تلخص مأساة جيل بأكمله بعبارات بليغة وقاسية:
"رحيلزف ألمًا وخسرانًا. هذه الأصوات المتعددة (البوليفونية) تشكل شهك أنقذ
حياتك ودمر حياتي (ص 50)"، و"عش حياتك كما تشاء، ابتعد عن خصوصياتي، لم
أعد أناسب زهوك الذي رأيتك فيه، وجه محمر،ادات حية على عمق الجرح.
* **صوت "رقية": اتهام الحب الض يزخر بنشوة الرفاه، وقامة ممشوقة، وهيكل صلد مهيوب،ائع:** تمثل رقية، حبه الأول، الضمير المؤنّب لسامر والوطن الج يسيل له لعاب النساء!! (ص 50)".
- هذه الكلمات ليست مجرد عتاب حبيبة مهجورة، بل هي إعلان صريح عن الهوة السحيقة التي تفصل
- بين عالمه "الآمن" وعريح في آنٍ واحد. لغتها حادة كشظية، تختزل مأساتها ومأساة جالمها "المدمر"،
- بين رفاهيته التي اكتسبها في المنفى وبؤسها الذي فرض عليهايل كامل في عبارات بليغة: "رحيلك
- أنقذ حياتك ودمر حياتي".
هي لا تلوم النظام أو الاحتلال فقط، بل تحمّل سامر مسؤولية
شخصية مباشرة. إنها تج في الوطن. إنها لغة الجرح المفتوح التي تتهم لغة العائد
بالسطحية واللامسيد لفكرة أن الخلاص الفردي قد يكون ثمنه تدمير الآخرين. رسالتها
وبالاة.
**تقنيات السرد وكشف طبقات المأساة**
لا يكتفيكلماتها تكشف عن الهوة السحيقة بين
حياته المرفهة في الغرب ("وجه محمر، ي فاضل خضير بالسرد الخطي، بل يوظف
تقنيات متعددة لبناء روايته كزخر بنشوة الرفاه") وحياتها التي تجمدت في لحظة
رحيله.
- *فسيفساء معقدة من الذاكرة العراقية الجريحة. من خلال يوميات صديقه ن **صوت "نصير":
- خيبة الأمل الفكرية:** صديقه الأعمى نصير، منصير التي كتبها قبل أن يفقد بصره، يقدم الكاتب
- شهادة تسجيلية على فترة ما بعد سقوط خلال يومياته التي كتبها قبل أن يفقد بصره، يمثل صوت
- المثقف الذي راودته آمال الت النظام مباشرة
تلك اللحظة التي اختلطت فيها آمال الحرية بفوضى الانهيار. كانتغيير مع سقوط النظام الديكتاتوري. يومياته توثق تلك الفترة القصيرة من الانفتاح هناك طموحات بتأسيس تجمعات ثقافية وسياسية، لكن هذه "الحرية النسبية" سر النسبي، حيث "توفرت أجواء تسمح بالكلام والنقد"، لكنها سرعان ما ترصد تحول هذهعان ما تحولت إلى فوضى عارمة "تعددت وسائل القتل وخرق القانون، أصبحنا في محور العشوائية...
تربعت مفاهيم الحرية على
عرش مشيد من الخوف والجوع (ص 2 الحرية الوليدة إلى فوضى عارمة و"تعدد وسائل القتل
وخرق القانون"، لت8)".
- كذلك، عبر شهادة صديقه زهير، الذي كان أسيرًا في الحرب العراقية الإيرانيةستقر "مفاهيم الحرية
- على عرش مشيد من الخوف والجوع". عمى نصير يصبح، تفتح الرواية نافذة على جحيم آخر سبق
- الاحتلال، وتكشف عن الأهوال التي عاش رمزًا قويًا لعمى البصيرة الذي أصاب الوطن، حيث لم يعد
- أحد يرى طريق
الخلاص.
*ها الجنود العراقيون، وتنسف أي صورة بطولية للحرب، مقدمةً إياها ك **صوت "زهير": جروح الماضي التي لا تندمل:** يمثل زهير، الأسير السابقتجربة مهينة ومدمرة للإنسانية: "قادونا كالأنعام، كانت برودة الطقس كالثل في الحرب العراقية الإيرانية، طبقة أخرى من طبقات الألم العراقي.
- شهادته عن وحشية الأسر ("قادونا كالأنعام... أجبرونا على الجري أمام دباباتهم") تج... أجبرونا على
- الجري أمام دباباتهم (ص 60)". هذه الشهادات المتداخلة تمنح الرواية عمقًا تاريخيًا، وتؤكد أن مأساة
- 2003ذكرنا بأن الاحتلال لم يأتِ على أرض بكر، بل على جسد مثخن بالجراح القديمة التي لم تكن
- بداية الخراب، بل كانت ذروة لسلسلة طويلة من الانكسارات.
**س لم تندمل قط. قصته تضع مأساة 2003 في سياق
تاريخؤال المسؤولية: هل الهارب شريك في الجريمة؟**
في قلب الرواية يكمن سؤالي أوسع من المعاناة
المستمرة.
**جدلية الذنب: "أنا أم النظام؟"**
ت أخلاقي وفلسفي عميق، يتجاوز إدانة المحتل والنظام السابق ليصل إلى مساءلة الذطرح الرواية سؤالاً أخلاقيًا وفلسفيًا مركزيًا يتجاوز حدود العراق ليصل إلى كلات. السؤال الذي يطرحه سامر على نفسه: "من أسهم في اضطهاد رقية... أنا أم النظام تجارب المنفى والشتات.
- يتساءل سامر في لحظة محاسبة ذاتية قاسية: "من (ص 88)؟"، هو السؤال المحوري الذي يطارد كل
- من اختار النجاة الف أسهم في اضطهاد رقية... أنا أم النظام؟". هذا السؤال يفتح باب الجدل حول
- المسؤولية الفرديةردية وترك خلفه وطنًا ينهار. الإجابة تأتي قاسية على لسان أم رقية، التي تغلق
- الباب أمام أي محاولة للمصالحة مع الماضي، وتلقي على سامر جزءًا من اللوم: "أ في مقابل القوى
- القاهرة. هل الهارب من جحيم الديكتاتورية مذنب لأنه نجا بنفسنت أيضاً ساهمت بما حصل (ص
- 86)".
هذه العبارة تحمل اتهامًا ذاه؟
الرواية لا تقدم إجابة سهلة. فبينما كان النظام هو السبب الأص مغزى أوسع. فهل هروب الكفاءات والعقول والمواطنين العاديين هو ما أفرلي لهروبه، فإن فعل الهروب نفسه كان له تبعات مدمرة على من بقوا. وتأتي التغ الوطن من محتواه، وجعله فريسة سهلة للطغيان الداخلي والاحتلال الخهمة الأقسى من أم رقية التي تقول له بصرامة: "أنت أيضاً ساهمت بما حصلارجي؟ الرواية لا تقدم إجابة قاطعة، لكنها تطرح الإشكالية بكل ث".
- هذه العبارة لا تقتصر على تدمير حياة ابنتها، بل تحمل تلميحًا أقلها. خلاص سامر الشخصي كان ثمنه
- دمار حياة حبيبته، وشلل أمه، وضوسع: أن هجرة النخب والكفاءات أفرغت الوطن من طاقاته، وربما
- سهّياع مستقبل أخته. وبهذا المعنى، يصبح هروبه فعلًا ذا تبعات سياسية واجتماعية، وليس مجرد
- قرار شخصي.
** ضياع الهوية وسخرية المصير**
تلت سقوطه في أيدي المحتل. إنها نظرة قاسية
تجرّد المنفي من دور الضحية المطلصل الرواية إلى ذروة سخريتها المرة حين يُتهم
سامر، الذي هرب من بطقة وتجعله شريكًا، ولو بشكل غير مباشر، في المأساة.
**انهيار النش النظام السابق، بالعمل مع مخابرات
ذات النظام. هنا، تضيع الهوية تمامًا وتصبح التسيج الاجتماعي وهشاشة الهوية**
- لا تكتفي الرواية برصد الخراب السياسي والمادي، بل تغهم جاهزة للجميع، ويصبح المحتل "هو
- الدولة وهو القانون (ص 111)". إنها مفوص في تفاصيل انهيار النسيج الاجتماعي والأخلاقي.
- المشهد الصادم للجار الذي ينوي بيع ابنارقة تكشف عن العبثية التي وصلت إليها البلاد، حيث يصبح
- الضحية قاتلاً، وتصبحته الصغيرة لصديقه العقيم مقابل المال هربًا من الفاقة، هو أقوى تجسيد لهذا ال
- الوطنية نفسها تهمة ملتبسة.
في النهاية، تقدم رواية "الحب في ضراوة
الاحتلال"انهيار. لم يعد الفقر مجرد حاجة مادية، بل أصبح سرطانًا ينهش القيم
الإنسانية الأساسية عملًا أدبيًا ناضجًا وجريئًا. إنها ليست مجرد قصة حب تدور في
زمن.
- في هذا السياق، تصبح هوية سامر الوطنية نفسها محل تشكيك. فمن جهة، الحرب، بل هي قصة عن
- استحالة الحب في زمن الخراب. إنها مرثية وطن، وتأ ينظر إليه أهل وطنه كغريب بهيئته الأنيقة التي
- لا تتناسب مع الخراب العاممل عميق في إشكالية "العودة" التي لا تقود إلى الخلاص، بل إلى مواجهة
- مؤ. ومن جهة أخرى، يتهمه المحتل بالعمل مع مخابرات النظام السابق الذي هرب منه.
إنلمة مع حقيقة أن الماضي لا يمكن استعادته، وأن الجراح التي تفصل بين من
رحلوا ومنها مفارقة عبثية ومريرة تلخص ضياع الهوية العراقية، التي أصبحت مت بقوا
قد تكون أعمق من أن تلتئم. تتركنا الرواية مع صورة سامر،نازعًا عليها بين ماضٍ
ملتبس وحاضر طارد ومستقبل مجهول.
العالق
بين شعوره بالذنب ورغبته في التكفير، ومع صوت رقية الذي يمثل صوت وطن**خاتمة: رواية
الأسئلة الجريئة**
فى الختام
في نهاية المطاف، "الحب في ضراوة الاحتلال"
هي رواية تتجاوز قصة حب سامر ورقية لتصبح مرثية لو جريح يرفض أن يغفر لمن نجوا
بأرواحهم وتركوه يواجه مصطن بأكمله، وتأملًا عميقًا في معنى الوطنية والانتماء في
زمن الشتات. نجح فاضل خضير في طرح أسئلة جريئة ومؤلمة حول علاقة المهاجر بيره
وحيدًا.