## لهذا نحب: رحلة استكشاف في أعماق الشعور الإنساني الأسمى

يُعد كتاب **"لهذا نحب"** للكاتب تامر عبده أمين، استكشافًا أدبيًا ونفسيًا معمقًا لواحدة من أكثر التجارب الإنسانية جوهرية وتعقيدًا: **الحب**. يتجاوز الكتاب مجرد السرد العاطفي ليغوص في الأسباب الكامنة وراء هذا الشعور الجارف، محاولًا الإجابة على السؤال الأزلي الذي حير الفلاسفة والمفكرين والعلماء والبسطاء على حد سواء: لماذا نقع في الحب؟ وما هي طبيعة الروابط التي تجمعنا بمن نحب؟

## لهذا نحب: رحلة استكشاف في أعماق الشعور الإنساني الأسمى

رحلة المؤلف

ينطلق المؤلف في رحلته هذه من حوار فكري بناء وممتد، جمعه بصديقه الطبيب النفسي المرموق، الدكتور أحمد كمال.

لم يكن اللقاء مجرد محادثة عابرة، بل امتد لساعات طويلة عبر مكالمة فيديو، تم خلالها استعراض دقيق لمحتوى الكتاب ومناقشة الأسس العلمية والنفسية التي استند إليها المؤلف في تحليلاته ورؤاه. وفي خضم هذا النقاش المثمر، وعندما قاربت المراجعة على الانتهاء، طرح المؤلف استفساره المحوري، السؤال الذي يمثل لب الكتاب وجوهره: "**لماذا نحب؟**"

لم يكن رد الدكتور كمال مباشرًا أو قاطعًا، بل جاء محملاً بحكمة الطبيب الذي يدرك تعقيدات النفس
البشرية. استقبل السؤال بابتسامة تحمل تقديرًا لعمقه، مشبّهًا إياه بـ "سؤال المليون دولار"، وهو
التعبير الشائع الذي يشير إلى الأسئلة الكبرى التي قد لا تحمل إجابة واحدة جامعة مانعة. وعندما
استفسر المؤلف عن حقيقة عدم وجود إجابة، جاء توضيح الدكتور كمال ليكشف عن فلسفة الكتاب
ورؤيته للحب.

توضيح الدكتور

أوضح الدكتور كمال أن **الحب بطبيعته يرفض القولبة أو التنميط**. لا توجد إجابة ثابتة أو وصفة سحرية يمكن تطبيقها على الجميع لتفسير هذا الشعور.

فجمال الحب يكمن في تفرده؛ إنه أشبه بالبصمة الوراثية أو بصمةالإصبع، يختلف تكوينه وتجلياته من شخص لآخر، ومن علاقة لأخرى. تتعدد أسباب الحب وتتشعب لتشمل ملايين الدوافع، بعضها واعٍ وبعضها الآخر يرسو في أغوار اللاوعي.

هذه الأسباب، كما أكد الطبيب، هي ملك لأصحابها، لا تحتاج إلى تفسير أو تبرير للآخرين، وليس
بالضرورة أن تبدو منطقية أو مقنعة لمن هم خارج دائرة العلاقة. إنها قناعات داخلية وتجاذبات
شخصية عميقة تتجاوز المنطق السطحي.

ثم انتقل الحوار لاستكشاف أبعاد أخرى للحب:

* **من نحب؟** الإجابة هنا تتجاوز المعايير الشكلية أو الاجتماعية. نحن نميل إلى حب أولئك الذين نشعر بجوارهم باكتمال فريد، حيث تتلاشى الحدود بين الأنا والآخر لنصبح كيانًا واحدًا متناغمًا، وفق المعادلة الرمزية "1 + 1 = 1". إنه الشعور بالتوحد والاندماج، حيث لا يفقد الفرد ذاته، بل يجدها مُعززة ومُكتملة في وجود الآخر.

* **كيف نحب؟** هنا يكمن جوهر الممارسة الفعلية للحب. إنه يتجلى في القدرة على **الإنصات الفعّال** للطرف الآخر، ليس فقط لكلماته، بل لمشاعره واحتياجاته غير المعلنة. كما يتأسس على مبدأ **المعاملة بالمثل والعطاء المتبادل**، حيث نمنح الشريك ما نتوقعه ونحتاجه منه، سواء كان دعمًا أو تفهمًا أو مساحة شخصية.

* **متى نحب؟** يترسخ الحب الحقيقي عندما نُعجب **بالفعل** ونتأثر به، حتى وإن كان بسيطًا في مظهره، أكثر من افتتاننا **بالقول**، مهما كان منمقًا وجذابًا. فالكلمات قد تكون برّاقة لكنها أحيانًا زائفة، أما الأفعال فهي التي تحمل الصدق والالتزام. **الأفعال** – بحسب الدكتور كمال – تمتلك حضورًا طاغيًا، وهي اللغة الأصيلة والوحيدة التي يفهمها ويتحدث بها أولئك الذين يختبرون الحب بمعناه العميق والصادق.

في ختام الحوار، وبإشارة ذكية، أعاد الدكتور كمال المؤلف إلى نقطة البداية، مؤكدًا أن إجابة سؤاله الجوهري "لماذا نحب؟" لا تكمن في وصفة جاهزة، بل تتكشف تدريجيًا عبر صفحات كتابه ذاته. فـ **"لهذا نحب"** ليس مجرد عنوان، بل هو الوعد الذي يحمله الكتاب لقرائه:

رحلة استكشافية ممتعة وعميقة، تنسج خيوطها من حكايات إنسانية واقعية، وقراءات نفسية متأنية
وتحليلات علمية مبسطة، لتضيء جوانب مختلفة من تجربة الحب، وتستكشف أسبابه المتعددة، وتلقي
الضوء على طبيعة الأشخاص الذين ينجحون في بناء علاقات حب صحية ومستدامة.

الختام

يقدم الكتاب دعوة للقارئ ليس فقط لفهم الحب كظاهرة عامة، بل للتأمل في تجربته الشخصية، واستكشاف بصمته الفريدة في عالم الحب، مدركًا أن الأسباب قد تكون لانهائية، وأن الأفعال الصادقة هي العملة الحقيقية في مملكة القلوب.