recent
أخبار ساخنة

## "أحببت وغدًا": حين يصبح الحب سرابًا وخلاصًا موهومًا

الصفحة الرئيسية

 

## "أحببت وغدًا": حين يصبح الحب سرابًا وخلاصًا موهومًا

 

**مقدمة**

 

في خضم رحلة الحياة وتقلباتها، يبحث الإنسان بفطرته عن مرفأ أمان، عن يدٍ تمتد لتمسح عن جبينه عناء الأيام، وعن قلبٍ يحتويه ليُشعره بالاكتمال المفقود. تتجسد هذه الحاجة الإنسانية العميقة غالبًا في البحث عن شريك، عن "آخر" نظن أن بوجوده ستتبدد كل أوجاعنا وتُشرق شمس السلام الأبدي في أرواحنا.


في خضم رحلة الحياة وتقلباتها، يبحث الإنسان بفطرته عن مرفأ أمان، عن يدٍ تمتد لتمسح عن جبينه عناء الأيام، وعن قلبٍ يحتويه ليُشعره بالاكتمال المفقود. تتجسد هذه الحاجة الإنسانية العميقة غالبًا في البحث عن شريك، عن "آخر" نظن أن بوجوده ستتبدد كل أوجاعنا وتُشرق شمس السلام الأبدي في أرواحنا.
## "أحببت وغدًا": حين يصبح الحب سرابًا وخلاصًا موهومًا

 يطل علينا الكاتب عماد رشاد عثمان في كتابه الصادر بعنوان "أحببت وغدًا"، ليغوص في هذه المنطقة الشائكة والمعقدة من النفس البشرية، متسائلاً عن حقيقة هذا الانتظار، ومُحذرًا من السراب الذي قد نلهث خلفه بحثًا عن ارتواء لا يأتي.


**وهم المنقذ وخيبة الأمل الكبرى**

 

يستهل الكتاب،، بتسليط الضوء على تلك الفكرة الرومانسية الحالمة، التي غالبًا ما تترسخ في وعينا الجمعي: فكرة "الشخص المنتظر". 

هذا الشخص الذي نُسقط عليه كل آمالنا وتوقعاتنا، ونراه المنقذ الأسطوري القادر على انتشالنا من بئر أحزاننا الخاصة. نعتقد بسذاجة أحيانًا أن مجرد حضوره كفيل بتحويل حياتنا إلى جنة، وأن اكتمالنا الذاتي رهنٌ بوجوده. ننسج حوله هالة من القدسية والكمال، متناسين أنه بشر مثلنا، يحمل تناقضاته وجراحه وأعباءه.

 

  • لكن، وكما يلمح عنوان الكتاب بمرارته الصادقة "أحببت وغدًا"، تأتي الحقيقة لتصفعنا بقسوة.
  •  فالشخص الذي رفعناه إلى مصاف المخلصين، قد يكون هو نفسه مصدر خيبتنا الأعمق وجرحنا
  •  الأكثر إيلامًا. هذه المفارقة المؤلمة هي جوهر المأساة التي يبدو أن الكتاب يتناولها. بدلًا من أن نزهر
  •  بجواره وننمو، قد نجد أنفسنا نذبل ببطء، ننكمش على ذواتنا، ونفقد بريقنا شيئًا فشيئًا. يتحول الحلم
  •  الوردي إلى كابوس، والأمل بالخلاص إلى سجن جديد، ربما أشد قسوة لأنه بني على أنقاض توقعاتنا
  •  العالية.

 

**العلاقة كمهرب وتخدير**

 


## "أحببت وغدًا": حين يصبح الحب سرابًا وخلاصًا موهومًا

لا يتوقف الكتاب عند حدود وصف خيبة الأمل، بل يتعمق أكثر ليكشف عن آلية نفسية خطيرة قد تدفعنا نحو هذه العلاقات المؤذية.

 يشير النص إلى أن سعينا نحو الآخر قد لا يكون بحثًا حقيقيًا عن الحب الصحي والشراكة المتوازنة، بل مجرد محاولة "لتخدير أوجاعنا عبره". تصبح العلاقة هنا بمثابة مسكن مؤقت، جرعة نأخذها لنتجنب مواجهة آلامنا الحقيقية، ومشاكلنا الداخلية التي نهرب من التصدي لها.

 

  1. يتحول الشريك، في هذه المعادلة المختلة، إلى "جحيمنا". ليس بالضرورة لأنه شرير بطبعه (وإن كان
  2.  العنوان يوحي بشيء من السوء المتعمد "وغدًا")، ولكن لأننا نستخدم العلاقة كستار دخان، كتلهٍ عن
  3.  مواجهة أنفسنا بصدق. ننشغل بدراما العلاقة، بتقلباتها، بصراعاتها، حتى لا نضطر للنظر في مرآة
  4.  الذات ورؤية ما يؤلمنا حقًا. تصبح العلاقة "مرضية"، هروبًا مستمرًا وفرارًا من مسؤولية الشفاء
  5.  الذاتي والنمو الشخصي. إنها أشبه بمحاولة إخماد حريق داخلي عبر صب المزيد من الوقود عليه.

 

**رسالة إلى ملاحقي السراب**

 


## "أحببت وغدًا": حين يصبح الحب سرابًا وخلاصًا موهومًا

يختتم الملخص بتوجيه رسالة مباشرة وحادة: "إلى أولئك الذين يظنون أنهم يداوون الظمأ... عبر تتبّع السراب!".

 هنا تتجلى الرسالة التحذيرية للكتاب بوضوح. إنه دعوة للتوقف والتفكير، دعوة للذين يكررون نفس الأنماط المؤذية في علاقاتهم، ظانين أن الشخص "التالي" سيكون مختلفًا، وأنه سيحمل معه مفتاح السعادة المنشودة، بينما هم في الحقيقة يطاردون وهمًا، سرابًا براقًا في صحراء احتياجاتهم غير الملباة.

 

  • يبدو أن عماد رشاد عثمان، من خلال "أحببت وغدًا"، لا يقدم حلولًا سحرية، بل يهدف إلى تشريح
  •  هذه الظاهرة النفسية والاجتماعية المعقدة. يهدف إلى رفع مستوى الوعي بخطورة التعلق غير
  •  الصحي، وبأهمية مواجهة الذات قبل البحث عن الخلاص في الآخرين. إن الشفاء الحقيقي، كما يبدو
  •  أن الكتاب يلمح، لا يأتي من الخارج، بل ينبع من الداخل، من رحلة شجاعة نحو فهم الذات، تضميد
  •  الجراح القديمة، وبناء شعور بالاكتمال لا يعتمد على وجود شخص آخر بقدر ما يعتمد على علاقة
  •  صحية ومتوازنة مع النفس أولًا.

 

**خاتمة**

 

يُعد كتاب "أحببت وغدًا" للكاتب عماد رشاد عثمان، بناءً على ما كشفه نصه التعريفي، بمثابة جرس إنذار، وصيحة عميقة في وجه الأوهام التي قد نحيكها حول الحب والعلاقات. إنه دعوة لاستبدال البحث عن "المنقذ" الخارجي برحلة بناء "الذات" القوية والمتكاملة من الداخل.

وفهم أن العلاقات الصحية تُبنى على أساس من الندية والوعي والاحترام المتبادل، لا على أساس الهروب من الألم أو البحث اليائس عن ترياق سحري في عيون الآخرين. إنه تذكير بأن مطاردة السراب لن تروي ظمأ الروح أبدًا.


## "أحببت وغدًا": حين يصبح الحب سرابًا وخلاصًا موهومًا



author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات

    google-playkhamsatmostaqltradent