الشاعر أيمن اللبدي

 

 

**رواية "دماء على السجادة الحمراء": حين يتشح بريق الشهرة بلون الدم القاني**

 

في عالم تتلألأ فيه الأضواء وتتعالى فيه همسات الإعجاب والترقب، حيث السجادة الحمراء ليست مجرد ممر للمشاهير بل مسرح لعرض الأحلام والطموحات، تأخذنا الكاتبة نهى داود في روايتها المشوقة "دماء على السجادة الحمراء" إلى كواليس هذا العالم البراق، لكن من زاوية مظلمة وصادمة، لتكشف لنا أن خلف الابتسامات المصطنعة والنجاحات المدويّة قد تختبئ أحقاد دفينة وخيوط جريمة معقدة.

**رواية "دماء على السجادة الحمراء": حين يتشح بريق الشهرة بلون الدم القاني**

**رواية "دماء على السجادة الحمراء": حين يتشح بريق الشهرة بلون الدم القاني**

أنتماء الرواية

تنتمي الرواية إلى أدب الجريمة والغموض، وهي تبدأ أحداثها في لحظة ذروة، في قلب الحدث الأكثر لمعانًا وبريقًا:

 حفل ختام المهرجان السينمائي. دقائق قليلة تفصل الحضور عن إعلان الجوائز وتتويج الفائزين، لكن القدر يخبئ سيناريو آخر، أكثر دموية وقسوة. يسقط منتج سينمائي شهير، شخصية نافذة ومحورية في صناعة الفن السابع، غارقًا في دمائه على تلك السجادة التي طالما شهدت على نجاحاته وتألقه. الحياة تتسرب من جسده بسرعة، تاركة وراءها صدمة مدوية، وعلامات استفهام بحجم المأساة.

 بداية الرحلة

 

من هنا، تبدأ رحلة التحقيق الشاقة والمضنية. لا تقتصر الصعوبة على هول الجريمة وهوية الضحية البارزة،

 بل تتفاقم مع شح الأدلة وتضاربها. يجد فريق التحقيق، وعلى رأسهم المحقق المكلف بالقضية، أنفسهم أمام لغز محيّر ومسرح جريمة يبدو وكأنه مصمم بعناية لإخفاء الحقيقة وتضليل العدالة. تتناثر الأدلة القليلة المكتشفة كقطع أحجية مبعثرة ومربكة: 

• ذيل غامض مخضب بالدماء يُعثر عليه في مكان غير متوقع، ملابس ذات طابع غريب تُلقى بإهمال
•  في حاوية قمامة قريبة، ميكروفونات يبدو أنها شهدت على شيء ما، لكنها الآن صامتة تحت الماء
•  وسلاح الجريمة، الأداة القاطعة التي أزهقت روح المنتج، يختفي دون أثر. ولتكتمل حلقة الغموض
•  يكتشف المحققون أن شريط المراقبة الرئيسي، الذي كان من الممكن أن يكشف اللحظات الحاسمة، قد
•  تم محوه ببراعة، مما يقطع أي خيط مباشر قد يقود إلى الجاني.

 المحقق

تزداد القضية تعقيدًا حين يفقد المحقق الرئيسي بوصلته وسط هذا الكم الهائل من الفوضى والأدلة المضللة.

 فالضغط يتصاعد، والإعلام يترقب، والجميع يريد إجابات سريعة. لكن المفاجأة الأكبر تأتي حين يجد المحقق نفسه، بطريقة أو بأخرى، ضمن دائرة الشك. تبدأ بعض الخيوط الواهية بالإشارة إليه، وتلقي بظلال من الارتياب حول دوره وموقفه. 

1. هل هو مجرد تشابه في الأدلة؟ أم فخ نُصب له بإحكام؟ أم أن هناك جانبًا خفيًا في شخصيته أو علاقته
2.  بالقضية لم يُكشف بعد؟ هذا المنعطف الدرامي يضيف طبقة جديدة من التوتر والتشويق، حيث يصبح
3.  الباحث عن الحقيقة جزءًا من اللغز، وتتداخل مهمته المهنية مع دفاعه عن نزاهته الشخصية.

 أشتباة

تتعدد الشخصيات التي يمكن أن تكون مشتبهًا بها. فالمنتج القتيل، بحكم مكانته ونفوذه، لم يكن شخصية محبوبة من الجميع. تتكشف لنا شبكة معقدة من العلاقات المتوترة والعداوات القديمة والحديثة. زملاء عمل، منافسون شرسون، فنانون صاعدون شعروا بالظلم، شركاء سابقون، وربما حتى شخصيات من ماضيه السحيق عادت لتنتقم. كل شخصية تحمل في جعبتها حكاية خاصة، ودافعًا محتملاً لارتكاب الجريمة. تتشابك القصص، وتتداخل الدوافع، ويلتبس على القارئ وفريق التحقيق معًا حقيقة ما جرى.

 

• يطرح اللغز المركزي سؤالاً جوهريًا: هل كانت هذه الجريمة فعل شغف أعمى، وليدة لحظة غضب
•  عارمة وانفعال خارج عن السيطرة؟ أم أنها كانت عملية قتل باردة، تم التخطيط لها بدقة متناهية
•  وعناية فائقة لتبدو وكأنها مجرد انفجار عاطفي عفوي؟ هذا التضارب الظاهري في طبيعة الجريمة
•  هو ما يجعل مهمة المحققين أشبه بالسير في حقل ألغام، حيث كل خطوة قد تقود إلى استنتاج خاطئ.

 لغز جريمة

 

تغوص الرواية أعمق من مجرد حل لغز جريمة قتل، لتكشف أن جذور هذه المأساة تمتد عميقًا في تربة الماضي

. ما يبدو على السطح كجريمة مرتبطة بأحداث المهرجان الحالية، يتضح شيئًا فشيئًا أنه مرتبط بأسرار قديمة، وأحقاد دُفنت لسنوات، وظلم ربما طال أمده حتى حانت لحظة الانتقام. يتوجب على فريق التحقيق ليس فقط فك شيفرة الأدلة الحالية، بل أيضًا النبش في تاريخ الضحية وعلاقاته السابقة لكشف الحقيقة الكاملة.

 الختام

تقدم نهى داود في "دماء على السجادة الحمراء" وجبة دسمة لعشاق الغموض والتشويق، ممزوجة بنظرة نقدية لعالم الشهرة والأضواء وما قد يخفيه من صراعات ومآسٍ إنسانية. هي رواية تعد برحلة مثيرة ومربكة، تتلاعب بتوقعات القارئ وتدفعه للتفكير والتحليل، حتى تصل به إلى الحقيقة الصادمة في النهاية.