recent
أخبار ساخنة

## من ضَبْطِ الْحُرُوفِ إلى لغةٍ عالمية: قصةُ تطورِ الأبجديةِ العربية

 

##  من ضَبْطِ الْحُرُوفِ إلى لغةٍ عالمية: قصةُ تطورِ الأبجديةِ العربية

 

لطالما كانت اللغةُ العربيةُ أداةً هامةً للحضارةِ العربيةِ، ووسيلةً للتعبيرِ عن أفكارها،  والتاريخِ والتراثِ والفنونِ والثقافةِ.  ولكنّها - كما هو الحال مع أي لغةٍ أخرى - خضعت لعمليةِ تطويرٍ وتغييرٍ مع مرورِ الزمنِ.  أحدُ أهمِّ هذهِ التغييراتِ كانَ  تطويرَ نظامِ ضبطِ الحروفِ، وهو نظامٌ  يُعرفُ بـ "التنقيطِ"  أو "التشكيلِ"  للحروفِ العربيةِ.



##  من ضَبْطِ الْحُرُوفِ إلى لغةٍ عالمية: قصةُ تطورِ الأبجديةِ العربية

##  من ضَبْطِ الْحُرُوفِ إلى لغةٍ عالمية: قصةُ تطورِ الأبجديةِ العربية



 



 

وُضِعَتْ النقاطُ على الحروفِ العربيةِ ليسْ لمجردِ الزينةِ أو الشكلِ، بلْ كانتْ  ضرورةً  ملحةً  لحمايةِ اللغةِ من التغييرِ والانحرافِ، ولضمانِ وضوحِها ودقتِها في النطقِ والقراءةِ.  وتُرجَعُ  بداياتُ هذهِ العمليةِ إلى  العصرِ الأمويّ،  وتحديدًا  في  العقودِ الأخيرةِ من القرنِ الأولِ الهجريّ.

 

**أبو الأسود الدؤلي:  بدايةُ المسيرةِ**

 

يُعتبرُ أبو الأسود الدؤلي أولَ منْ وضعَ  نظامًا  للنقطِ على الحروفِ العربيةِ.  كانَ  ذاكَ  في العصرِ الأمويّ،  حواليَ  عامِ  67هـ  (686م).  كانَ  هدفُهُ  هوَ  ضبطُ  كلماتِ القرآنِ الكريمِ،  حفاظًا على  دقتِها  وحِفظِ  النطقِ الص أكثرُ  تطورًا**

 

في  أوائلِ  القرنِ الثانيِ  من  الهجرةِ (أوائلِ  القرنِ  الثامنِ  الميلاديّ)،  ظهرَ  العلّامةُ  الخليلُ بنُ  أحمدَ الفراهيديّ،  واشتهرَ  بمُساهماتهِ في  تطويرِ  النظامِ  اللغويّ  للغةِ  العربيةِ.  قامَ  الخليلُ  بوضعِ  نظامٍ  جديدٍ  للتنقيطِ،  كانَ  أكثرَ  دقةً  وتطورًا  من  نظامِ  حيحِ لها. 

 

استعانَ  أبو الأسودِ بالعلاماتِ التي  كانَ  يستعملُها  السريانُ  للتمييزِ بينَ الرفعِ والجرِّ والنصبِ،  واستخدمها  لتوضيحِ  حركاتِ  الحروفِ  في  الكتابةِ.  وضعَ  نقطةً فوقَ  الحرفِ  لِتدلَّ على  الفتحةِ،  ونقطةً  تحتَ  الحرفِ  لِتدلَّ على  الكسرةِ،  ونقطةً على يسارِ  الحرفِ  لِتدلَّ على  الضمةِ.   وكانَ يتركُ  الحرفَ الساكنَ خاليًا من  النقطِ.  

 

**الخليل بن أحمد الفراهيدي:  نظامٌ أبي  الأسودِ الدؤليّ.

 

ابتكرَ  الخليلُ  طريقةً  جديدةً  لتوضيحِ  حركاتِ  الحروفِ.   استبدلَ  النقطَ  بِحروفٍ  صغيرةِ:  ألفٌ  صغيرةٌ مائلةٌ فوقَ  الحرفِ  لِتدلَّ على  الفتحةِ،  وياءٌ صغيرةٌ  تحتَ  الحرفِ  لِتدلَّ على  الكسرةِ،  وواوٌ صغيرةٌ فوقَ  الحرفِ  لِتدلَّ على  الضمةِ. 

 

أضافَ  الخليلُ  أيضًا  علامةً  للشدّةِ،  وهي  رأسُ  الشينِ  (ش)،  وهي  تُستخدمُ  لِتُشيرَ  إلى  تضاعفِ  صوتِ  الحرفِ.   كما  طورَ  نظامًا  لِتُشيرَ  علاماتُهُ  إلى  الهمزةِ والسكونِ الخفيفِ  والأصواتِ  الأخرى.

 

**نصرُ بنُ  عاصمِ  الليثيّ  ويحيى  بنُ يعمرُ  العدوانيّ:  ضبطُ  اللغةِ العربيةِ**

 

في  العصرِ  الأمويّ،  وبالتحديدِ  في  عهدِ  الخليفةِ  عبدِ  الملكِ  بنِ  مروانَ،  تطورَ  نظامُ  التنقيطِ  للغةِ  العربيةِ  بشكلٍ  كبيرٍ.   في  ذلكَ  العصرِ،  قامتْ  شخصياتٌ  هامةٌ  بِدورِ  مُهمٍّ في  تنظيمِ  الحروفِ  العربيةِ  ووضعِ  الأساسِ لنظامِ  التنقيطِ  الذي  نَستخدمُهُ  اليومَ.

 

يُعتبرُ  نصرُ  بنُ  عاصمِ  الليثيّ  ويحيى  بنُ  يعمرُ  العدوانيّ  أهمّ  هذِهِ  الشخصياتِ.   قامَ  هذانِ  الرجلانِ  بِترتيبِ  الحروفِ  الهجائيةِ  بهذهِ  الطريقةِ  الشائعةِ في  يومنا  هذا،  وهملا  ترتيبَ  الحروفِ  الأبجديةِ  على  الطريقةِ  القديمةِ (أبجد  هوز).  

 

**أهميةُ  نظامِ  التنقيطِ**

 

كانَ  نظامُ  التنقيطِ  خطوةً  مُهمّةً  في  تطورِ  اللغةِ  العربيةِ.  لقد  ساهمَ  في  حِفظِ  النطقِ الصحيحِ للكلماتِ،  وتسهيلِ  قراءةِ  الكتبِ  والمُصاحفِ،  والتعليمِ  للأجيالِ  الجديدةِ.  كما  ساهمَ  في  حمايةِ  اللغةِ  من  التغييرِ  والانحرافِ،  ودعمِ  ثقافةِ  القراءةِ  والكتابةِ  في  العالمِ  العربيّ.

 

**أسبابُ  وضعِ  النقطِ  على  الحروفِ**

 

كانَ  هناكَ  عدّةُ  أسبابٍ  دفعتْ  العربَ  إلى  وضعِ  النقطِ  على  الحروفِ:

 

* **اختلاطُ  العربِ  بِالأعاجمِ:**   عندما  بدأَ  العربُ  في  الاختلاطِ  بِأهلِ  اللغاتِ  الأُخرى،  ظهرَ  اللّحنُ  في  اللغةِ  العربيةِ،  خاصةً  من  قبَلِ  الأجيالِ  الجديدةِ  التي  لمْ  تكنْ  تُتقنُ  اللغةَ  بِشكلٍ  جيدٍ.

 

* **حِفظُ  القرآنِ  الكريمِ:**   كانَ  حِفظُ  القرآنِ  الكريمِ  أمرًا  مُهمًا  للغايةِ  للّمسلمينَ.   وُضعَ  نظامُ  التنقيطِ  لِضمانِ  دقتِهِ  ووضوحِهِ  في  النطقِ  والقراءةِ،  والتأكدِ من  عدمِ  حدوثِ  أخطاءٍ  في  نصِّهِ.

 

* **التوحيدُ  في  الكتابةِ:**   كانَ  هناكَ  اختلافٌ  في  طرقِ  الكتابةِ  بينَ  القبائلِ  العربيةِ.   ساهمَ  نظامُ  التنقيطِ  في  توحيدِ  طريقةِ  الكتابةِ،  وإزالةِ  الالتباسِ  بينَ  الحروفِ.

 

* **تسهيلُ  التعليمِ:**   ساهمَ  نظامُ  التنقيطِ  في  تسهيلِ  تعليمِ  اللغةِ  العربيةِ  للأطفالِ  والكبارِ،  خاصةً  لِأولئكَ  الذينَ  لمْ  يكنُوا  يُتقنونَ  اللغةَ  بِشكلٍ  جيدٍ.

 

**النتائجُ  الإيجابيةُ  لنظامِ  التنقيطِ**

 

* **حِفظُ  اللغةِ  من  التغييرِ:**   ساهمَ  نظامُ  التنقيطِ  في  حمايةِ  اللغةِ  العربيةِ  من  التغييرِ  والتشوّهِ،  والتأكدِ من  دقتِهِ  في  النطقِ  والكتابةِ.

 

* **انتشارُ  اللغةِ  العربيةِ:**   ساهمَ  نظامُ  التنقيطِ  في  انتشارِ  اللغةِ  العربيةِ  في  أرجاءِ  العالمِ  العربيّ  وخارجَهُ،  واستخدامهِ  في  التعليمِ  والثقافةِ  والإدارةِ.

 

* **توحيدُ  طريقةِ  الكتابةِ:**   ساهمَ  نظامُ  التنقيطِ  في  توحيدِ  طريقةِ  الكتابةِ  بينَ  القبائلِ  العربيةِ،  وإزالةِ  الالتباسِ  بينَ  الحروفِ.

 

* **تسهيلُ  التعليمِ  والقراءةِ:**   ساهمَ  نظامُ  التنقيطِ  في  تسهيلِ  تعليمِ  اللغةِ  العربيةِ  للأطفالِ  والكبارِ،  والتأكدِ من  دقتِهِ  في  النطقِ  والقراءةِ.

 

**خاتمةٌ**

 

كانَ  وضعُ  النقطِ  على  الحروفِ  العربيةِ  خطوةً  مُهمّةً  في  تطورِ  اللغةِ  العربيةِ،  وواحدةً من  أهمِّ  الخطواتِ  التي  ساهمتْ  في  حِفظِ  اللغةِ  وتسهيلِ  استخدامِها  في  المجتمعِ  العربيّ.   لقد  أصبحَ  نظامُ  التنقيطِ  جزءًا  أساسيًا  من  اللغةِ  العربيةِ،  وهوَ  مُهمٌّ  لِضمانِ  دقتِها  ووضوحِها  في  النطقِ  والقراءةِ  والكتابةِ.


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات

    google-playkhamsatmostaqltradent