رقصة العاج: رحلة استكشافية في أعماق الأدب الأفريقي
المعاصر للمترجم د. باسم الزعبي
بقلم: [أفكار الثقافة وألآدب]
تاريخ النشر:12/21-2025
يعتبر الأدب الأفريقي
بمثابة القارة المنسية في المشهد الثقافي العربي، ليس لفقر في نتاجه أو ضعف في
محتواه، بل لندرة الجسور الممتدة بين ضفتي الإبداع الأفريقي والذائقة العربية. وفي
محاولة جادة لكسر هذا العزلة الثقافية، يأتي كتاب "رقصة العاج" الصادر
حديثاً (2025) عن دار
"الآن ناشرون وموزعون" في
الأردن، ليقدم وجبة أدبية دسمة من إعداد وترجمة المترجم الأردني القدير د. باسم الزعبي.
- في هذا المقال، نستعرض
تفاصيل هذا الإصدار الفريد، ولماذا يعد "رقصة العاج" بوابة حقيقية لفهم
التناقضات الساحرة للقارة السمراء، وكيف يسد فجوة كبيرة في المكتبة العربية
المعاصرة.
![رقصة العاج: رحلة استكشافية في أعماق الأدب الأفريقي المعاصر للمترجم د. باسم الزعبي بقلم: [أفكار الثقافة وألآدب] تاريخ النشر:12/21-2025 يعتبر الأدب الأفريقي بمثابة القارة المنسية في المشهد الثقافي العربي، ليس لفقر في نتاجه أو ضعف في محتواه، بل لندرة الجسور الممتدة بين ضفتي الإبداع الأفريقي والذائقة العربية. وفي محاولة جادة لكسر هذا العزلة الثقافية، يأتي كتاب "رقصة العاج" الصادر حديثاً (2025) عن دار "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن، ليقدم وجبة أدبية دسمة من إعداد وترجمة المترجم الأردني القدير د. باسم الزعبي. في هذا المقال، نستعرض تفاصيل هذا الإصدار الفريد، ولماذا يعد "رقصة العاج" بوابة حقيقية لفهم التناقضات الساحرة للقارة السمراء، وكيف يسد فجوة كبيرة في المكتبة العربية المعاصرة.](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi9HFGDmxOM7YKg4L9Zoq77H8sdfulXRrtejgZwwbp3j-7Wv_ojgz5vr9f2nEI1BmRZIyG-XKfsy3upZ5MlD15iocdVLvAOPjEqZk-NfblsCQlQrkPO16jm9NkLqITn4_x7VXnhgp3l5Ku-071CY4KOF1nRA9KEBpylbpOBWG6nrJLZ_882s0fsiQ/w640-h360-rw/The_Ivory_dance__an_expedition-%D8%A3%D9%81%D9%83%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9%20%D9%88%D8%A3%D9%84%D8%A2%D8%AF%D8%A8.jpg) |
| رقصة العاج: رحلة استكشافية في أعماق الأدب الأفريقي المعاصر للمترجم د. باسم الزعبي |
رقصة العاج: رحلة استكشافية في أعماق الأدب الأفريقي المعاصر للمترجم د. باسم الزعبي
فجوة الترجمة لماذا نجهل الأدب الأفريقي؟
يبدأ د. باسم الزعبي كتابه
بالإشارة إلى حقيقة مؤلمة؛ وهي أن القارئ العربي لا يكاد يعرف عن الأدب الأفريقي إلا ما ندر. فالترجمة العربية للأدب الأفريقي غالباً ما تكون انتقائية و"موسمية"،
حيث يتهافت المترجمون ودور النشر على ترجمة الأعمال التي تحصد الجوائز العالمية
الكبرى مثل "نوبل" أو "البوكر". هذا النهج حصر الرؤية العربية
لأفريقيا في زاوية ضيقة، متجاهلاً طيفاً واسعاً من الإبداع الذي ينمو في الداخل
بعيداً عن أضواء الغرب.
كتاب "رقصة العاج" يأتي
ليصحح هذا المسار، مقدماً "منتخبات قصصية" تتجاوز الأسماء الرنانة لتشمل
أصواتاً من مختلف الحقب الزمنية والدول الأفريقية، مما يمنح القارئ رؤية بانورامية
شاملة.
رقصة العاج بنية
الكتاب والتنوع السردي
تتميز مجموعة "رقصة
العاج" بتنوع مذهل في المدارس الأدبية والأساليب السردية. فقد استطاع د. باسم
الزعبي جمع نصوص تتراوح بين:
- الاتجاه الفولكلوري:
الذي يعيد إحياء الأساطير والحكايات الشعبية بلمسة
حداثية.
- الواقعية الاجتماعية:
التي توثق حياة المدن الأفريقية المزدحمة بالتحولات.
- السريالية والرمزية:
التي تستخدم الاستعارات المعقدة للتعبير عن الواقع
المرير.
هذا
التعدد يجعل من الكتاب وحدة موضوعية متماسكة، حيث تتنفس أفريقيا بتناقضاتها
الصارخة بين "الدمامة والجمال"، و"الحكمة والخرافة"، و"البساطة
والتعقيد".
قضية التمييز العنصري صرخة
في وجه الأبارتهايد
لا يمكن الحديث عن الأدب
الأفريقي دون التوقف عند قضية "التمييز العنصري"، خاصة في أدب جنوب
أفريقيا. ويوضح الكتاب أن التعامل الأدبي مع هذه القضية لم يأتِ بأسلوب شعاراتي أو
وعظي، بل جاء متحرراً من الصبغة الأخلاقية المباشرة.
- لقد أبدع الكتاب الأفارقة
في استخدام "السخرية السوداء" كأداة
لمواجهة تراجيديا الفصل العنصري. هذه المفارقة تجعل القارئ يشعر بعمق المأساة من
خلال الضحك المر، مما يؤكد أن الأدب الأفريقي يمتلك أدوات فنية فريدة في ترويض
القبح وتحويله إلى نص إبداعي مؤثر.
الفولكلور كأداة للمقاومة
الثقافية
يشكل القسم الفولكلوري في "رقصة
العاج" جزءاً حيوياً لا يستهان به. وهنا تبرز عبقرية المبدع الأفريقي في "تكييف"
اللغات الأجنبية (التي فرضها الاستعمار) لإيصال القيم الأفريقية الأصيلة.
- تحويل الشفاهي إلى مكتوب:
لم تكن القصص مجرد نقل للحكايات الشعبية، بل كانت
عملية "أدبنة" للشفاهي، وتحويله إلى نصوص فنية رفيعة المستوى.
- قصة
(Protista): يشير الكتاب إلى هذه القصة كنموذج للتحليق السريالي
المبني على مادة فولكلورية، حيث تندمج الرموز بالاستعارات لتقديم لوحة
سيكولوجية مدهشة.
نغوغي
وا ثيونغو العمق السيكولوجي والحكاية الشعبية
لا تخلو المجموعة من
إشارات إلى أعمدة الأدب الأفريقي، وفي مقدمتهم الكاتب الكيني نغوغي وا ثيونغو.
يمثل أدبه في هذه المجموعة الجسر الرابط بين التحليل
النفسي العميق والجذور الشعبية. إن قدرة وا ثيونغو على دمج الحكاية التقليدية في
سياق رواية سيكولوجية حديثة تعكس مدى النضج الذي وصل إليه الأدب الأفريقي في سعيه
لتأكيد الهوية.
أفريقيا المعاصرة من
القبيلة إلى البرجوازية المحلية
الجزء الأكبر من "رقصة
العاج" مخصص للقصص الواقعية التي ترسم "خارطة طريق" لفهم أفريقيا
اليوم. هذه القصص تقدم ما لا تستطيع الدراسات الإثنوغرافية أو الاجتماعية تقديمه،
فهي تستعرض:
- الصراع الطبقي:
نشوء البرجوازية المحلية في المدن وتأثيرها على
النسيج الاجتماعي.
- وضع المرأة:
التحديات التي تواجهها المرأة الأفريقية بين
العادات القبلية والتحرر الحديث.
- رذائل المدن:
تناول قضايا حساسة مثل الدعارة، الفقر، ومهانة
الإنسان في الغابة الخرسانية (المدينة).
- الروحانيات:
العلاقة بين المعتقدات الدينية التقليدية والأديان
الوافدة.
لماذا
يجب عليك قراءة رقصة العاج؟
إذا كنت تبحث عن فهم حقيقي
للقارة السمراء بعيداً عن الصور النمطية التي تروجها السينما العالمية أو نشرات
الأخبار، فإن هذا الكتاب هو خيارك الأمثل. إن ترجمة د. باسم الزعبي ليست مجرد نقل
للكلمات، بل هي نقل "لروح النص" الأفريقي، مع الحفاظ على خصوصيته
الثقافية.
أهمية الكتاب للباحثين
والمثقفين
- مصدر إثنوغرافي:
يوفر معلومات غنية عن العادات والتقاليد والعلاقات
القبلية.
- مرجع أدبي:
يقدم نماذج متنوعة لكيفية تطور القصة القصيرة في
أفريقيا.
- جسر تواصل:
يساهم في تعزيز الحوار الثقافي "جنوب - جنوب".
الخلاصة الأدب الأفريقي يتنفس في الأردن
بصدور "رقصة العاج" في
الأردن عام 2025، نكون أمام لحظة فارقة في حركة الترجمة العربية. إنها دعوة مفتوحة
لكل قارئ عربي ليخطو خطواته الأولى في "بوابة عالم أفريقيا"، ليكتشف أن ما
يجمعنا بهذه القارة أكثر بكثير مما يفرقنا، وأن القصص المروية هناك هي في جوهرها
قصص إنسانية عالمية تبحث عن الحرية والكرامة والجمال.