### **"طقوس متساوية": حين يتحدى السحر تقاليد الجنس في عالم القرص**

 

### **"فوق رأسي سحاب": رحلة نفسية عميقة نحو الذات والشفاء**

 

في المشهد الأدبي العربي المعاصر، تبرز أعمال قليلة بقدرتها على الغوص في أعماق النفس البشرية بصدق وشفافية، ورواية "فوق رأسي سحاب" للدكتورة دعاء إبراهيم هي إحدى هذه الجواهر الأدبية. تتجاوز الرواية كونها مجرد حكاية لتصبح استكشافًا معمقًا للصدمات النفسية، وقوة الصمود، والبحث المضني عن الهوية والسلام الداخلي. من خلال شخصية "نهى"، رئيسة الممرضات، تنسج الكاتبة نسيجًا سرديًا غنيًا يلامس أوتارًا حساسة في تجربة الإنسان مع ماضيه وألمه وقدرته على النهوض.

### **"فوق رأسي سحاب": رحلة نفسية عميقة نحو الذات والشفاء**

### **"فوق رأسي سحاب": رحلة نفسية عميقة نحو الذات والشفاء**

الشخصية المحورية

الشخصية المحورية، نهى، هي تجسيد حي للصراع الداخلي الذي يعيشه الكثيرون. على السطح، هي امرأة ناجحة في مهنتها، تتمتع بالقوة والانضباط الذي يتطلبه منصبها كرئيسة للممرضات. لكن خلف هذا القناع المهني، تقبع امرأة مثقلة بأشباح ماضٍ قاسٍ، وحياة يومية محفوفة بالصعوبات في علاقتها بوالدتها وجدتها. هذا التناقض بين الظاهر والباطن هو المحرك الأساسي للأحداث.

•  فنهى تعيش في حالة حرب دائمة؛ حرب بين إرادتها الصلبة التي تدفعها لمواجهة التحديات ورفض
•  الاستسلام، وبين الخوف والهشاشة التي خلفها ماضٍ مظلم يطاردها كظل لا يفارقها. استطاعت الكاتبة
•  ببراعة أن ترسم هذه الأبعاد النفسية المعقدة، مما يجعل القارئ يتعاطف مع نهى ويفهم دوافعها
•  ومخاوفها.

 

تأخذ الرواية منعطفًا حاسمًا عندما تقرر نهى السفر إلى اليابان للقاء والدها الذي غاب عن حياتها لسنوات طويلة. هذه الرحلة، التي تبدو في ظاهرها بحثًا عن أب، تتحول إلى رحلة رمزية بالغة الأهمية. إنها ليست مجرد محاولة للم شمل عائلي أو الحصول على إجابات طال انتظارها

1.  بل هي هروب من بيئة خانقة وفرصة لمواجهة الذات بعيدًا عن الضغوط المألوفة. في اليابان، البلد
2.  ذي الثقافة المختلفة والأنظمة الصارمة، تجد نهى نفسها مجردة من كل ما تعرفه، مما يجبرها على
3.  النظر إلى الداخل. كل خطوة في شوارع طوكيو أو في هدوء معابدها تصبح خطوة أعمق داخل نفسها.

 تكتشف أن البحث عن الأب كان في حقيقته بحثًا عن جذورها المفقودة وعن الجزء الناقص من هويتها. الرحلة إلى "الآخر" أصبحت رحلة إلى "الأنا"، وهنا تتجلى عبقرية السرد في تحويل السفر المادي إلى استكشاف روحي ونفسي.

 لغة الدكتورة

تتميز لغة الدكتورة دعاء إبراهيم بالشعرية والقدرة على خلق جو يمزج بين الأمل والأسى. إنها لا تصف الأحداث بقدر ما ترسم المشاعر. تستخدم اللغة كأداة لتشريح معاناة البطلة وصراعها الداخلي، فتأتي الكلمات محملة بالحزن أحيانًا، وبالتصميم والإصرار أحيانًا أخرى. هذا الأسلوب يجعل الرواية تجربة حسية وفكرية غامرة، حيث يمر القارئ بالتحولات الجذرية التي تعيشها نهى، ويشعر معها بثقل الماضي وخفة أمل المستقبل.

 

• من خلال قصة نهى، تسلط الرواية الضوء على قضايا اجتماعية وإنسانية عميقة. فهي تناقش بجرأة
•  تأثير غياب الأب على النسيج النفسي للأبناء، وكيف يمكن لهذا الغياب أن يخلق فراغًا يسعون لملئه
•  طوال حياتهم. كما تتناول مواضيع القهر والظلم، سواء كان أسريًا أو اجتماعيًا، والصراع النفسي
•  الذي ينشأ من محاولة التحرر من قيود الماضي.

 

الختام

 "فوق رأسي سحاب" ليست مجرد رواية عن المعاناة، بل هي احتفاء بقوة الروح البشرية. إنها تؤكد أن الشفاء ممكن، وأن الإنسان يمتلك القدرة على التغلب على أصعب التحديات والبحث عن هدوئه النفسي. عنوان الرواية نفسه يحمل دلالة رمزية بليغة

 فالسحاب الذي يخيم فوق رأس نهى ليس سوى ماضيها وأحزانها، لكن رحلتها هي محاولتها الدؤوبة للسير قدمًا حتى تجد سماءها الصافية، وتثبت أن الإنسان قادر على تجاوز غيومه الخاصة ليجد النور.