recent
أخبار ساخنة

**«أوديسة لغزّة»: حين يصبح الشعر ملحمة لتوثيق الألم وتحدي السردية**

الصفحة الرئيسية

 

**«أوديسة لغزّة»: حين يصبح الشعر ملحمة لتوثيق الألم وتحدي السردية**

 

في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث وتطغى فيه صورة الحرب على كل صوت، يأتي الأدب، وتحديداً الشعر، ليقوم بدوره الأبدي في الحفر عميقاً في الوجدان الإنساني، وتوثيق اللحظة التاريخية، وتقديم سردية مضادة تتحدى روايات القوة والبطش. من هذا المنطلق، يقدم الشاعر الفلسطيني البارز المتوكل طه أحدث أعماله، المجموعة الشعرية «أوديسة لغزّة»، التي صدرت حديثاً عن دار «الآن ناشرون وموزّعون» في الأردن، لتكون بمثابة صرخة فنية وإنسانية في وجه العدوان، ووثيقة خالدة عن صمود مدينة أصبحت أيقونة للألم والتحدي.

في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث وتطغى فيه صورة الحرب على كل صوت، يأتي الأدب، وتحديداً الشعر، ليقوم بدوره الأبدي في الحفر عميقاً في الوجدان الإنساني، وتوثيق اللحظة التاريخية، وتقديم سردية مضادة تتحدى روايات القوة والبطش. من هذا المنطلق، يقدم الشاعر الفلسطيني البارز المتوكل طه أحدث أعماله، المجموعة الشعرية «أوديسة لغزّة»، التي صدرت حديثاً عن دار «الآن ناشرون وموزّعون» في الأردن، لتكون بمثابة صرخة فنية وإنسانية في وجه العدوان، ووثيقة خالدة عن صمود مدينة أصبحت أيقونة للألم والتحدي.
**«أوديسة لغزّة»: حين يصبح الشعر ملحمة لتوثيق الألم وتحدي السردية**


**«أوديسة لغزّة»: حين يصبح الشعر ملحمة لتوثيق الألم وتحدي السردية**

الديوان

يأتي هذا الديوان، الذي يمثل الإصدار الستين في مسيرة الشاعر الحافلة، في مائة وخمسين صفحة، ويضم إحدى عشرة قصيدة طويلة، كل منها بمثابة لوحة فنية مركّبة ترسم مشهداً من مشاهد الحرب والصمود في غزة. العنوان وحده «أوديسة لغزّة» يحمل دلالات عميقة، فهو يستدعي فوراً إلى الذهن ملحمة هوميروس الشهيرة

  •  بكل ما تحمله من معاني الرحلة الطويلة المليئة بالمشاق والمخاطر، والصراع من أجل البقاء والعودة
  •  إلى الوطن، والمواجهة مع قوى أسطورية غاشمة. لكن المتوكل طه لا يستنسخ الأسطورة الإغريقية
  •  بل يوظفها كإطار رمزي لإعادة صياغة مأساة غزة وصمودها كملحمة إنسانية معاصرة، بطلها ليس
  •  فرداً كأوديسيوس، بل هو شعب بأكمله، مدينة بأكملها، تقاوم من أجل حقها في الحياة والتاريخ.

 وصف الشاعر

وقد لقيت المجموعة الشعرية احتفاءً نقدياً لافتاً، حيث وصفها الشاعر والناقد الدكتور راشد عيسى بأنها "ملحمة شعرية أو فيلم سينمائي طويل أو مسرحية كونية". ويرى عيسى أن المتوكل طه يقوم "بدور البطولة الشعرية الخارقة"، في استدعائه للتاريخ والرموز الدينية والأسطورية، ليس فقط من الموروث العربي والفلسطيني، بل وحتى من موروث المعتدي نفسه، كرمز "يوشع"، في تحدٍ جريء يقلب السردية على رأسها.

  1.  ويشيد عيسى بقدرة الشاعر الفائقة على النأي بالنص عن الخطابية المباشرة والشعاراتية، واللجوء بدلاً
  2.  من ذلك إلى "بلاغة الإيماء والتلميح وذكاء الكناية وعبقرية الإيحاء الاستعاري الساخن"، مما يجعل
  3.  القصيدة سلاحاً فنياً شديد الإيلام وقادراً على تحقيق انتصار رمزي وثقافي. فالانتصار في رؤية
  4.  عيسى ليس مجرد سيطرة على المكان، بل هو "انتصار الفكرة والحلم"، وهو ما يمثل ديمومة كونية
  5.  لا تقهرها آلة الحرب.

 البنية الفنية

من جانبها، تقدم الدكتورة الشاعرة دعاء وصفي بياتنة قراءة تركز على البنية الفنية والجمالية للنص، فتشير إلى أن "فلسفة الشّكل التّعبيري" في الديوان تعكس الواقع المضطرب الذي تعيشه غزة. فمن خلال "جماليات التفكك باللوحات والمشاهد والتضاد والمفارقة"

  •  ينجح الشاعر في تجسيد الفوضى والألم، مانحاً نصه بعداً جمالياً ينسجم مع حركة الواقع الممزق.
  •  وتلفت بياتنة النظر إلى أن بطولة هذه "الأوديسة" ليست بطولة نمطية لفرد، بل هي "بطولة الحياة
  •  رغم الموت، وارتفاع الرفض رغم الصمت، وانتصار التجذّر رغم أنف الآخر"، مما يجعل العمل
  •  احتفاءً بالصمود الجماعي للإنسان الفلسطيني.

 

إن إصدار «أوديسة لغزّة» لا يأتي كعمل معزول، بل هو حلقة في مشروع أدبي متكامل كرّسه المتوكل طه لتوثيق ما جرى في غزة بعد السابع من أكتوبر. فقد سبقه كتابان مهمان: الأول هو مجموعة النصوص النثرية «توقيعات على جدران غزة»، والثاني رواية «أخبار نصف جيدة». 

هذه الثلاثية الأدبية (الشعر، والنص النثري، والرواية) تشكل بانوراما شاملة ومتعددة الزوايا، يسعى من خلالها الشاعر إلى الإحاطة بالحدث من كل جوانبه، الإنسانية والسياسية والتاريخية، مؤكداً على أن الأدب هو ذاكرة الشعوب الحية وسجلها الذي لا يمحى.

 الختام

في نهاية المطاف، تتجاوز «أوديسة لغزّة» كونها مجرد ديوان شعر جديد، لتصبح وثيقة ثقافية وتاريخية، وشهادة فنية رفيعة المستوى على قدرة الكلمة في مواجهة الرصاصة، وقدرة الجمال على التفتح من قلب الأنقاض، وقدرة الإنسان على تحويل ألمه الأعظم إلى فنٍ خالد يضمن بقاء حكايته للأجيال القادمة.

author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات

    google-playkhamsatmostaqltradent