## "نحن لا نفترق": هان كانغ تغوص في أعماق الذاكرة الجمعية لكوريا الجنوبية في رواية مؤلمة ورائعة
في روايتها الجديدة "نحن
لا نفترق" (We Do Not Part)، تقدم لنا الكاتبة
الكورية الجنوبية الحائزة على جائزة "مان بوكر" العالمية، هان كانغ،
عملاً أدبياً بالغ التأثير يلامس أعمق الجراح التي تنخر في الذاكرة الجمعية
لبلادها.
![]() |
## "نحن لا نفترق": هان كانغ تغوص في أعماق الذاكرة الجمعية لكوريا الجنوبية في رواية مؤلمة ورائعة |
ليست هذه الرواية مجرد سرد
لحادثة تاريخية، بل هي رحلة استكشافية مؤلمة إلى داخل النفس البشرية، وكشف عن
قدرتها المذهلة على الصمود في وجه أسوأ الظروف. من خلال لغة شعرية آسرة وشخصيات
معقدة، تخلق كانغ عالماً روائياً غنياً بالتفاصيل الحسية والعاطفية، يدعو القارئ
إلى التفكير العميق في قضايا الهوية والذاكرة والخلاص.
تستهل كانغ روايتها
بتقديم شخصية "كيونهغا"، وهي امرأة تعاني من الاكتئاب المزمن والصداع
النصفي الحاد وآلام البطن المستمرة، مما يجعل حياتها اليومية صراعاً لا ينتهي. تجد
كيونهغا نفسها في مفترق طرق عندما تتلقى نداء استغاثة من صديقتها المقربة "إنسون"،
التي ترقد في حالة حرجة في مستشفى في سيول، إثر تعرضها لحادث مروع. وعلى الرغم من
العاصفة الثلجية العاتية التي تجتاح البلاد، تطلب إنسون من كيونهغا مهمة تبدو
بسيطة للوهلة الأولى، ألا وهي السفر إلى جزيرة جيجو لإنقاذ ببغائها المحبوب "آمي".
- لكن جزيرة جيجو ليست مجرد مكان عادي
- بل هي أرض مشبعة بالدماء والذكريات الأليمة.
- ففي عام 1948، شهدت الجزيرة مذبحة مروعة
- حيث قتلت القوات الكورية الجنوبية
- عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء
- بمن فيهم العديد من أقارب إنسون.
- تحمل هذه الجزيرة في طياتها عبء تاريخي ثقيل
- وتعتبر رمزاً للظلم والقمع الذي عانى منه الشعب الكوري.
تنطلق كيونهغا في رحلتها الشاقة
إلى جزيرة جيجو، لتجد نفسها في مواجهة العواصف الثلجية العاتية
والصعوبات الجمة. لكن التحدي الأكبر الذي يواجهها هو صراعها الداخلي مع القلق
والشكوك التي تنهش روحها. وبينما تحاول إنقاذ ببغاء إنسون، تكتشف كيونهغا جوانب
مظلمة في نفسها وفي تاريخ بلادها لم تكن على علم بها من قبل.
- تنجح هان كانغ في تجسيد المكان القاحل ببراعة فائقة
- حيث تصبح جزيرة جيجو شخصية رئيسية في الرواية
- بما تحمله من ذكريات مؤلمة ومناظر طبيعية خلابة.
- تستخدم الكاتبة لغة حسية غنية بالتفاصيل
- لتنقل للقارئ صورة حية عن جمال الجزيرة ووحشيتها في آن واحد.
- تصف كانغ العواصف الثلجية العاتية والرياح القوية
- التي تهب على الجزيرة
- وكأنها تعكس
العواصف الداخلية التي تعصف بكيونهغا.
خلال رحلتها
تتكشف
أمام كيونهغا الأحداث الوحشية التي شهدتها جزيرة جيجو في الماضي. تسمع قصصاً مروعةعن القرى المحترقة والأطفال الذين قتلوا بلا رحمة، واستخدام قاذفات اللهب ضد
المواطنين العزل. تكشف هذه القصص عن الهمجية التي ارتكبها حكام كوريا في الماضي،
والذين حاولوا إخفاء هذه الفظائع بتواطؤ من الحكومة الأمريكية. لكن كانغ لا تركز
فقط على وصف الأحداث التاريخية، بل تسعى إلى إنقاذ قصص الضحايا من النسيان، وإعطاء
صوت لمن لا صوت لهم.
- تتميز الرواية بخلقها لجو من الأحلام والكوابيس
- حيث تتداخل الذكريات المؤلمة مع الواقع
- مما يجعل القارئ يشعر بالضياع والارتباك.
- تستخدم كانغ تقنيات سردية مبتكرة
- مثل استخدام تيار الوعي والانتقال السلس
- بين الماضي والحاضر، لخلق شعور بالتشويش والغموض.
- هذه التقنيات تساعد في نقل حالة كيونهغا النفسية المضطربة
- وتجعل القارئ يشعر
بمعاناتها وآلامها.
ينقسم العمل إلى ثلاثة أجزاء رئيسية
كل جزء منها يمثل مرحلة مختلفة في رحلة كيونهغا. الجزء الأول يقدم
الشخصيات الرئيسية ويؤسس للصراع المركزي في الرواية. الجزء الثاني يركز على رحلة
كيونهغا إلى جزيرة جيجو واستكشافها لتاريخ الجزيرة المؤلم. أما الجزء الثالث، والذي
يحمل عنوان "اللهب"، فيعتبر ذروة الرواية، حيث تصل كيونهغا إلى لحظة
التطهير والخلاص.
- في الجزء الأخير من الرواية
- تتوقف كيونهغا لحظة أمام صفحة بعينها كانت رائعة
- تتدفق من خلالها صور لا تُنسى.
- تتضمن هذه الصور وصفاً للانهيار العقلي
- كما لو أن مئات الفتائل في الرأس تنفجر واحدة تلو الأخرى
- بينما تذكّر امرأة نائمة طوال اليوم في دار رعاية
- كيونهغا بـ "بحر حيث المد العالي يستمر إلى الأبد".
- هذه الصور الشعرية تعكس قدرة كانغ المذهلة
- على استخدام اللغة لخلق صور بصرية قوية ومؤثرة.
تنهي هان كانغ روايتها
الرائعة بنغمة ساحرة وجميلة، تحمل في طياتها أملاً في الشفاء والتصالح مع الماضي. تتركنا
الرواية مع أسئلة عميقة حول معنى الهوية والذاكرة والخلاص، وتدعونا إلى التفكير في
دورنا في الحفاظ على الذاكرة الجمعية لبلادنا.
"نحن لا نفترق"
ليست مجرد رواية تاريخية، بل هي عمل فني متكامل يجمع بين الشعر والنثر والتحليل
النفسي. تستخدم كانغ لغة دقيقة ومتقنة، وتخلق شخصيات معقدة وواقعية، وتطرح أسئلة
صعبة حول طبيعة الإنسان. هذه الرواية هي شهادة على قدرة الأدب على مواجهة الحقائق
المؤلمة وتقديم الأمل في عالم مليء بالظلم والمعاناة.
- إن رواية "نحن لا نفترق" لـ هان كانغ
- هي إضافة قيمة إلى الأدب الكوري والعالمي
- وتستحق القراءة والتأمل.
- إنها دعوة إلى التفكير العميق
- في تاريخنا وهويتنا ومكاننا في العالم
- وتذكير بأهمية الحفاظ على الذاكرة الجمعية لبلادنا.
- إنها رواية ستبقى في الذاكرة
لفترة طويلة بعد الانتهاء من قراءتها.
**ملخص**
تعتبر رواية "نحن
لا نفترق" لـ هان كانغ عملاً فنياً مؤثراً يستكشف بعمق جراح الذاكرة الجمعية
لكوريا الجنوبية، ويقدم رؤية إنسانية مؤثرة عن الصمود والتطهير في مواجهة المآسي
التاريخية. من خلال شخصية "كيونهغا"، تقدم كانغ رحلة استكشافية للنفس
البشرية، وتكشف عن قدرتها على مواجهة الألم والبحث عن الخلاص في عالم لا يبالي. تتميز
الرواية بلغة شعرية آسرة وشخصيات معقدة، مما يجعلها تجربة قراءة غنية ومؤثرة تدعو
إلى التفكير العميق في قضايا الهوية والذاكرة والأمل.
صدرت رواية "نحن لا نفترق" للكاتبة هان كانغ (ترجمة إياويون وباييج آنيا موريس) عن دار هيمش هاميلتون للنشر في 6 فبراير (شباط) 2025 وتباع النسخة الواحدة بسعر 18.99 جنيهاً استرلينياً.