## الفيلسوف جان فيولاك: مصيرٌ كارثيٌّ ينتظر البشرية
في كتابه "ميتافيزيقا الأنتروبوسين: العقل
والتدمير"، يواصل الفيلسوف الفرنسي جان فيولاك (1971) بحثه في أزمات العالم
المعاصر، متأملاً في المصير الكارثي الذي ينتظر البشرية. تتقاطع أفكاره مع تيارات
فكرية متعددة، من الفكر الماركسي إلى الفينومينولوجيا الألمانية، لتقدم نظرةٍ
فلسفيةٍ قاتمةٍ للواقع الذي نعيشه.
## الفيلسوف جان فيولاك: مصيرٌ كارثيٌّ ينتظر البشرية
ينطلق فيولاك من سؤالٍ محوريٍّ:
هل وصل الإنسان إلى مرحلةٍ تجعله مدمراً لذاته
وللكوكب؟ في إطار "الأنثروبوسين"، المصطلح الذي يشير إلى عصر هيمنة
الإنسان على كوكب الأرض، يرى فيولاك أن الإنسان بات قوياً بما يكفي لإحداث انقراضٍ
عالميٍّ، ليس فقط للحيوانات والنباتات، بل أيضاً لأنواعٍ بشريةٍ جديدة.
يقدم لنا فيولاك تحليلاً فلسفياً مثيراً للجدل،
حيث يرى أن الإنسان، بتبنيه للتفكير المنطقي والعقلاني، قد تخلّى عن غرائزه
الطبيعية وعن الروابط العميقة التي تربطه بالطبيعة. لقد أدّى هذا التخلّي إلى
سلوكيات تدميرية، بدءاً من التلوث البيئي وانتهاءً بتطوير تكنولوجيا قاتلة، ليشكل
بذلك "نيغانثروبوس"، كائناً نافياً لإنسانيته.
**الأزمات المتلاحقة: بين البيئة والعقل**
يُركز فيولاك على الأزمات المتلاحقة التي تهدد
بقاء البشرية، في ربطٍ مُحكمٍ بين الأزمة البيئية والتطور الهائل للذكاء الاصطناعي.
فهو يرى أن البشرية مُحاصرةٌ في أزمةٍ مزدوجةٍ، حيث لا يتعلق الأمر فقط بضمان بقاء
الحياة على الأرض، بل أيضاً بضمان بقاء قدرات الإنسان العقلية والفكرية.
يشير فيولاك إلى أن الإنسان، الذي اعتبره أرسطو "الحيوان
العاقل"، قد صار يعتمد بشكلٍ متزايدٍ على الآلة، مُفوضاً إياها بأداء مهامٍ
عقليةٍ وفكريةٍ كانت حكراً عليه. يُصوّر لنا فيولاك سيناريو مخيفاً، حيث الإنسان،
بعد أن "آمن" بقدرة العقل على حلّ كل مشكلاته، يُصبح مُهدّداً بالفناء
بفعل نفس العقل الذي اعتبره جوهره!
**دافع الموت: بين "اللوغوسين" و"الكابيتالوسين"**
يُقدم فيولاك مصطلحاتٍ جديدةً، مثل "اللوغوسين"
و"الكابيتالوسين"، لتوضيح أوجه التدمير التي تُهدد البشرية. "اللوغوسين"
يشير إلى موت العقل، حيث تمّ استبدال التفكير المنطقي بالاعتماد على الآلة. بينما "الكابيتالوسين"
يشير إلى موت الرأسمالية، التي تُؤدي إلى استنزاف الموارد الطبيعية بشكلٍ هائلٍ،
دون مراعاة للآثار البيئية.
يُركز فيولاك على "دافع الموت"، الذي
يُعرّفه بأنه رغبةٌ لدى الإنسان في التخلّي عن مسؤولياته العقلية وتركها للآلة. هذا
الدافع، الذي يُشبه رغبة الإنسان في "الموت" بدلاً من تحمل مسؤولياته،
يتّضح في الاعتماد على "شات جي بي تي" وغيره من تطبيقات الذكاء
الاصطناعي، حيث يُصبح الإنسان مُستعداً لتفويض الآلة بأداء مهامٍ عقليةٍ كانت
حكراً عليه.