recent
أخبار ساخنة

## فن الاستلقاء: رحلة فلسفية مع بيرند برونر

الصفحة الرئيسية

 

 

## فن الاستلقاء: رحلة فلسفية مع بيرند برونر

 

هل سبق لك أن فكرت في عمق الفلسفة الكامنة وراء أفعال بسيطة مثل الاستلقاء والنوم؟  يُقدم لنا الكاتب الألماني بيرند برونر، في كتابه "فن الاستلقاء: لماذا ننام .. لماذا نستيقظ .. ولماذا نعيش؟" الصادر عن دار العربي للنشر،  رحلة استكشافية شيقة، تُظهر لنا أن هذه الأفعال البسيطة  لها  عمقًا فلسفيًا لا يُستهان به.


## فن الاستلقاء: رحلة فلسفية مع بيرند برونر

## فن الاستلقاء: رحلة فلسفية مع بيرند برونر



  فلسفة النوم والاستلقاء

يبدأ برونر رحلته بتحليل فلسفة النوم والاستلقاء، مُعرّفًا لنا تاريخهما وتقاليدهما المتنوعة عبر التاريخ البشري،  مُستعرضًا الخرافات والأساطير التي تحدثت عن النوم.  يسعى الكاتب  إلى الإجابة عن الأسئلة التي تُطرح في العنوان الفرعي لكتابه، مُحاولًا فهم تأثير هذه الأفعال على فكر وحياة الإنسان.

 

فما هو سر قوة الاستلقاء الذي يُمنحنا فرصةً للتفكر في العالم من حولنا، لإعادة النظر في معتقداتنا؟  وكيف يُجدد النوم نشاطنا ودوافعه،  ويُعيد تشكيل نظرتنا للحياة؟  وما هي الصلة بين هذه الأفعال وبين مشاعرنا العاطفية؟

 

يُقدم برونر حجةً قويةً حول أهمية الاستلقاء في عالمنا المعاصر الذي يُشجع على  النشاط الدائم،  مُؤكدا على أنّ الوقت الذي نقضيه أفقياً  يُقدم لنا مكافآت قيّمة  لا ينبغي تجاهلها.  يُؤمن  بأن "كوننا كائنات أفقية"  هو جزء أساسي من وجودنا،  وأنّ هذه الطبيعة  هي التي أوصلتنا  إلى حضارتنا  وإنجازاتنا  الحالية.

 

يُركز برونر على  كيفية عمل الدماغ  في أثناء  الاستلقاء  وَكَيْفَ يُحققُ البشرُ  الإنجازات العاطفية والفكرية الكبرى وهم  على حافة النوم.  ويُشير إلى أن العديد من الأشخاص الذين يُبدعون  في أثناء  الاستلقاء  لا يرغبون  في الاعتراف  بهذا الأمر.  فمثلاً،  أنهى مارسيل بروست  روايته "البحث عن الزمن المفقود"  في  السرير.  وكان  مارك توين  وإديث سيتويل  ووليام وردزورث  جميعًا  معتادين  على  الكتابة  في  السرير.  وكذلك هنري ماتيس  الذي كان  يرسم  أحيانًا  في  السرير  مستخدمًا  فرشًا  متصلة  بعصا  طويلة.

 

يُسلط  برونر  الضوء  على  ثقافات  الاستلقاء  المختلفة،  مُشيرًا  إلى  أنّ  ما  يُسمح  به  في  أثناء  الاستلقاء  وَمتى  يُسمح  به  يختلف  بشكل  كبير  من  ثقافة  إلى  أخرى.  رغم  اختفاء  الكثير  من  هذه  الثقافات،  يُكشف  برونر  عن  مدى  تغلغل  الاستلقاء  في  الأفكار  المعاصرة  والثقافية.  ففي  مجتمعاتنا  المعاصرة  ،  يحمل  الاستلقاء،  خاصة  في  النهار،  وصمة  الكسل  والحرمان  من  الأداء  والحضور،  على  الرغم  من  كونه  طريقة  رخيصة  لتجديد  النشاط  واكتساب  القوة  والتعافي.

 

يُغطي  كتاب  برونر  مُختلف  المواضيع  مثل  التنويم  المغناطيسي  وَالجاذبية  وَالمُخدرات  وَعلم  النفس  في  أوضاع  النوم  المختلفة  وَالفنج  شوي  وَالمومياوات  المصرية  وَتأثير  المناخ  على  النوم  وَسبب  اختراع  المراتب  وتاريخها  وتطورها  ،  وغيرها  من  المواضيع  المثيرة  للإهتمام.  يُقدم  برونر  رؤية  أوسع  من  مجرد  تاريخ  ثقافي  للّسرير  وَالنوم  ،  فعمله  يمزج  بين  الدليل  وَالنظرة  الثقافية  التاريخية  وَالفلسفية  للستلقاء  وَتمثلاته  في  الخيال  الشعبي  وَالفن  التشكيلي  وَالأدب.

 

يُمكن  أن  يُلخص  كتاب  برونر  في  ثلاث  نقاط  أساسية:

 

* **الاستلقاء  أكثر  من  مجرد  وضع  جسدي**:  فَهُوَ  شكل  من  أشكال  التفكر  والتأمل  والتغيير  الفكري  وَالعاطفي.

* **ثقافة  الاستلقاء  متنوعة**:  فكل  ثقافة  لها  نظرتها  الخاصة  للستلقاء  وَلفهم  قيمته.

* **الاستلقاء  يحتاج  إلى  إعادة  تقييم**:  ففي  العالم  المعاصر  ،  يُنظر  إلى  الاستلقاء  كشكل  من  أشكال  الكسل  وَالتقاعس  ،  بينما  هُو  في  الحقيقة  أحد  أهم  أشكال  الراحة  وَالتجديد  وَالتحفيز  للعقل  وَالجسد.

 

يُقدم  كتاب  برونر  قراءة  عميقة  وَشيقة  للّسرير  وَالنوم  ،  مُسلطًا  الضوء  على  الجوانب  الفلسفية  وَالاجتماعية  وَالثقافية  لهذه  الأفعال  البسيطة  ،  مُثريًا  فهمنا  لأنفسنا  وَللعالم  من  حولنا.  يُشجعنا  برونر  على  إعادة  النظر  في  طريقة  تعاملنا  مع  الاستلقاء  وَالنوم  ،  وَعلى  التقدير  للّفائدة  الكبيرة  التي  تُقدمها  هذه  الأفعال  للّصحة  العقلية  وَالجسدية.

author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات

    google-playkhamsatmostaqltradent