recent
أخبار ساخنة

**آرثر كريستوفر بنسون: سيرة أديب وأكاديمي بريطاني بارز**

الصفحة الرئيسية

 

**آرثر كريستوفر بنسون: سيرة أديب وأكاديمي بريطاني بارز**

 

يُعد آرثر كريستوفر بنسون (24 أبريل 1862 - 17 يونيو 1925) شخصية محورية وفذة في المشهد الأدبي والأكاديمي البريطاني خلال أواخر القرن التاسع عشر ومطالع القرن العشرين. ككاتب مقالات غزير الإنتاج، وشاعر مرهف الحس، وأكاديمي مرموق، ترك بنسون بصمة لا تُمحى في عدة مجالات، أشهرها على الإطلاق تأليفه كلمات الأنشودة الوطنية الخالدة "أرض الأمل والمجد" (Land of Hope and Glory). تقلّد بنسون منصب رئيس كلية المجدلية الثامن والعشرين بجامعة كامبريدج العريقة، وكان عضوًا فاعلاً ومؤثرًا في الجمعية الملكية للأدب، مما يعكس مكانته الرفيعة في الأوساط الثقافية في عصره.

يُعد آرثر كريستوفر بنسون (24 أبريل 1862 - 17 يونيو 1925) شخصية محورية وفذة في المشهد الأدبي والأكاديمي البريطاني خلال أواخر القرن التاسع عشر ومطالع القرن العشرين. ككاتب مقالات غزير الإنتاج، وشاعر مرهف الحس، وأكاديمي مرموق، ترك بنسون بصمة لا تُمحى في عدة مجالات، أشهرها على الإطلاق تأليفه كلمات الأنشودة الوطنية الخالدة "أرض الأمل والمجد" (Land of Hope and Glory). تقلّد بنسون منصب رئيس كلية المجدلية الثامن والعشرين بجامعة كامبريدج العريقة، وكان عضوًا فاعلاً ومؤثرًا في الجمعية الملكية للأدب، مما يعكس مكانته الرفيعة في الأوساط الثقافية في عصره.
**آرثر كريستوفر بنسون: سيرة أديب وأكاديمي بريطاني بارز**


**آرثر كريستوفر بنسون: سيرة أديب وأكاديمي بريطاني بارز**

 

**نشأة في كنف العلم والدين والأدب**

وُلد آرثر كريستوفر بنسون في رحاب كلية ويلينغتون بمقاطعة بيركشاير، 

حيث كان والده، إدوارد وايت بنسون، يشغل منصب أول مدير للكلية، قبل أن يرتقي ليصبح رئيس أساقفة كانتربيري بين عامي 1883 و1896. والدته، ماري سيدجويك بنسون، كانت شقيقة الفيلسوف البارز هنري سيدجويك، مما يعني أن آرثر نشأ في بيئة تجمع بين الصرامة الأكاديمية والعمق الفكري والروحانية الدينية.

  •  عاش جزءًا كبيرًا من طفولته وشبابه المبكر، بين سن العاشرة والحادية والعشرين، في محيط
  •  الكاتدرائيات، أولاً في لينكن حيث كان والده مستشارًا للكاتدرائية، ثم في ترورو حيث كان والده أول
  •  أسقف لها. هذا القرب من الحياة الكنسية غرس فيه حبًا دائمًا لموسيقى الكنيسة وطقوسها، وهو ما
  •  انعكس لاحقًا في بعض كتاباته.

 

لم يكن آرثر النجم الأدبي الوحيد في عائلته؛ فقد ضمت عائلة بنسون كوكبة من المبدعين. شقيقه الأكبر، إدوارد فريدريك بنسون، اشتهر كروائي غزير الإنتاج، خاصة بسلسلة رواياته الساخرة "ماب ولوسيا". أما شقيقه الأصغر، روبرت هيو بنسون، فقد كان كاهنًا في كنيسة إنجلترا قبل أن يتحول إلى الكاثوليكية الرومانية، وألف العديد من الروايات الدينية والتاريخية التي لاقت رواجًا كبيرًا.

  1.  أختهما مارغريت بنسون
  2. كانت فنانة موهوبة ومؤلفة وعالمة مصريات هاوية
  3.  أظهرت اهتمامًا مبكرًا بالحضارة المصرية القديمة.

 

رغم هذه البيئة الثقافية الغنية والإنجازات اللافتة، لم تخلُ حياة عائلة بنسون من المآسي والتحديات. فقد توفي اثنان من الأبناء في سن مبكرة، كما عانى آرثر وأخته الأخرى من حالة نفسية يُرجح أنها كانت اضطرابًا ثنائي القطب أو ذهانًا هوسيًا اكتئابيًا، وهي حالة يُعتقد أنهما ورثاها عن والدهما. ومن اللافت للنظر أن أيًا من أبناء بنسون لم يتزوج.

 

**مسيرة أكاديمية وتعليمية لامعة**

تلقى آرثر تعليمه الأولي في مدرسة تمبل غروف الإعدادية المرموقة في شرق شين.

 وفي عام 1874، حصل على منحة دراسية إلى كلية إيتون، إحدى أعرق المدارس الثانوية في إنجلترا. تابع تفوقه الأكاديمي ليلتحق عام 1881 بكلية الملك في جامعة كامبريدج كطالب باحث (حيث كانت المنح في كلية الملك آنذاك مقتصرة على طلاب إيتون). وهناك، أثبت جدارته بحصوله على مرتبة الشرف من الدرجة الأولى في امتحان التخصصات الكلاسيكية (Classical Tripos) عام 1884.

 

  • بعد تخرجه، عمل بنسون مدرّسًا في كلية إيتون لمدة تقارب العقدين (1885-1903). إلا أن حنينه إلى
  •  الحياة الأكاديمية في كامبريدج دفعه للعودة إليها عام 1904، حيث أصبح زميلًا في كلية المجدلية،
  •  وتولى مهمة إلقاء محاضرات في الأدب الإنجليزي. سرعان ما أثبت كفاءته الإدارية والأكاديمية،
  •  ليُعين رئيسًا للكلية (بمثابة نائب المدير) في عام 1912.

 وبلغ ذروة مسيرته الأكاديمية عندما انتُخب مديرًا لكلية المجدلية (Master of Magdalene College) في ديسمبر 1915، وهو المنصب الذي شغله حتى وفاته عام 1925. كما تولى رئاسة مدرسة غريشام منذ عام 1906، مما يؤكد الثقة الكبيرة التي حظي بها في الأوساط التعليمية.

 

**إسهامات أدبية متنوعة وإرث خالد**

كان بنسون كاتبًا غزير الإنتاج ومتنوع الاهتمامات. حظيت مقالاته، التي اتسمت بأسلوب أنيق وتأملي عميق، بشعبية جارفة في عصره، ومن أشهرها مجموعات مثل "من نافذة الكلية" (From a College Window) و"رسائل أبتون" (The Upton Letters)، وهي مقالات صيغت بأسلوب رسائلي جذاب. كما كان شاعرًا موهوبًا، وقصائده عكست حساسية مرهفة ورؤية فنية متميزة. ولم يقتصر إبداعه على ذلك، بل امتد ليشمل كتابة قصص الأشباح، التي أظهرت جانبًا آخر من خياله الأدبي وقدرته على استكشاف العوالم الغامضة.

 

  1. يُعتبر نقده الأدبي لأعمال شخصيات بارزة مثل دانتي غابرييل روزيتي، وإدوارد فيتزجيرالد، ووالتر
  2.  بيتر، وجون راسكن من بين أفضل ما قدم في هذا المجال، حيث تميز بتحليلاته الثاقبة ورؤيته النافذة.
  3.  كما شارك مع اللورد إشر في تحرير ونشر مراسلات الملكة فيكتوريا التي صدرت عام 1907، وهو
  4.  عمل ضخم عكس قدرته على التعامل مع الوثائق التاريخية الهامة.

 

ومع ذلك، فإن الإنجاز الذي ضمن له خلودًا في الذاكرة الشعبية البريطانية هو كتابته كلمات "قصيدة التتويج" (Coronation Ode) التي لحنها السير إدوارد إلجار بمناسبة تتويج الملك إدوارد السابع والملكة ألكسندرا عام 1902. تضمنت هذه القصيدة الأنشودة الشهيرة "أرض الأمل والمجد" كخاتمة لها، والتي سرعان ما أصبحت واحدة من أشهر الأغاني الوطنية في بريطانيا، ولا تزال تُردد حتى اليوم في المناسبات الهامة.

 

إضافة إلى كل ذلك، ترك بنسون وراءه واحدة من أطول المذكرات الشخصية المكتوبة على الإطلاق، والتي تُقدر بنحو أربعة ملايين كلمة. هذه المذكرات تعد كنزًا وثائقيًا غنيًا يقدم رؤى فريدة عن حياته وعصره وشخصيات تلك الفترة.

 

**تأثيره على كلية المجدلية ووفاته**

لم يكن بنسون مجرد أكاديمي لامع، بل كان أيضًا محسنًا سخيًا، خاصة لكلية المجدلية. فقد ساهم بشكل كبير في تطور الكلية الحديث وترك بصمات واضحة على مظهر ساحاتها ومبانيها، ويشهد على ذلك ما لا يقل عن عشرين نقشًا تحمل اسمه منتشرة في أرجاء الكلية. وتكريمًا لإسهاماته الجليلة، سُميت "محكمة بنسون الجديدة" (Benson Court) باسمه في عام 1930.

 

على الرغم من التحديات الصحية المتعلقة بالاضطراب النفسي الذي عانى منه، أظهر بنسون قدرة استثنائية على الإنتاج الفكري والأكاديمي، مما يجعله مثالاً على المثابرة والتفاني.

 الختام

وافت المنية آرثر كريستوفر بنسون في 17 يونيو 1925، إثر سكتة قلبية ألمت به في كلية المجدلية التي أحبها وخدمها بتفانٍ طوال سنوات. ودُفن في مقبرة سانت جايلز في كامبريدج. 

يظل بنسون حيًا في الذاكرة كشخصية متعددة المواهب، جمعت بين الإبداع الشعري والنثري، والعمق الأكاديمي، والقيادة الإدارية، تاركًا إرثًا غنيًا لا يزال يُحتفى به ويُدرس حتى اليوم.

**آرثر كريستوفر بنسون: سيرة أديب وأكاديمي بريطاني بارز**


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات

    google-playkhamsatmostaqltradent