جيمي: الحياة السرية
لجيمس دين - سبر أغوار أسطورة مضطربة في هوليوود الخمسينيات**
في عالم يزدحم بالنجوم والأساطير، يظل اسم جيمس دين يتردد كهمسةٍ غامضة، تحمل في طياتها مزيجًا من
العبقرية والتمرد، الشهرة والوحدة. لم يكن دين مجرد ممثل موهوب، بل كان أيقونة
لجيلٍ بأكمله، تجسيدًا للشباب الضائع، الرافض للقيود، والمتوقد بالرغبة في التعبير
عن الذات.
جيمي: الحياة السرية لجيمس دين - سبر أغوار أسطورة مضطربة في هوليوود الخمسينيات** |
وبينما تهافتت الأقلام لتأريخ
حياته، جاء كتاب "جيمي: الحياة السرية لجيمس دين" للمؤلف جيسون
كولافيتو، ليقدم لنا صورة أكثر عمقًا وتعقيدًا لهذه الشخصية الاستثنائية، كاشفًا
النقاب عن جوانب خفية من حياته المضطربة، والتي غالبًا ما تم تجاهلها أو تهميشها
في الروايات السابقة.
إن كولافيتو في هذا العمل
لا يقدم لنا مجرد سيرة ذاتية تقليدية، بل يسبر أغوار نفسية دين المضطربة، متتبعًا جذورها في طفولته القاسية، وعلاقاته المعقدة، وتجاربه المؤلمة في عالم هوليوود المتناقض.
- يحلل الكاتب بعين الباحث المدقق
- وبقلب المتعاطف، كيف أثرت هذه العوامل
- في تشكيل شخصية دين الفريدة
- وفي صعوده الصاروخي نحو النجومية، ومن ثم
سقوطه المفجع.
**طفولة في مهب الريح**
يبدأ كولافيتو رحلته في
حياة جيمس دين، بالعودة إلى طفولته في ولاية إنديانا، حيث يلقي الضوء على الجراح العميقة التي تركتها وفاة والدته بالسرطان، وهو في التاسعة من عمره، وغياب والده
العاطفي. هذه الصدمات المبكرة، تركت دين وحيدًا ومضطربًا، يعاني من تقلبات مزاجية
حادة، ورغبة جامحة في الحصول على الاهتمام والتقدير. يصف كولافيتو كيف انعكست هذه
الجروح الطفولية في شخصية دين المتمردة، وفي بحثه الدائم عن الحب والقبول، والذي
غالبًا ما كان يتخذه أشكالًا غير تقليدية.
- كما يلقي الكتاب الضوء على تجربة دين المؤلمة
- في التعرض للاعتداء الجنسي في طفولته
- على يد القس جيمس ديويرد
- وهو قس من الطائفة الميثودية الويزلية
- معروف بين بعض السكان المحليين بلقب "د. ويرد" (الدكتور غريب الأطوار).
- هذه الحادثة المروعة، تركت جرحًا عميقًا في نفس دين
- وأثرت في نظرته للعالم، وفي علاقاته مع الآخرين
- خاصة الرجال. يكشف كولافيتو كيف أدت هذه التجربة
- إلى تفاقم اضطرابات دين النفسية
- وإلى تبنيه سلوكيات
غريبة وغير مفهومة في كثير من الأحيان.
**هوليوود حلم وتحطم**
ينتقل كولافيتو بعد
ذلك، ليصف رحلة دين إلى هوليوود، حيث سعى لتحقيق حلمه بالنجومية. يصور الكتاب ببراعة، كيف استطاع دين أن يخطف الأضواء بفضل موهبته الفذة، وشخصيته الجذابة،
وأدائه التمثيلي الذي يجمع بين العفوية والعمق. لكن كولافيتو لا يتوقف عند هذا
الحد، بل يسلط الضوء على الجانب المظلم من هوليوود، حيث واجه دين الاستغلال
والتلاعب، والتناقضات الأخلاقية، والصراع الدائم من أجل الحفاظ على استقلاليته
وقيمه.
- يكشف الكتاب كيف حاولت استوديوهات السينما
- ترويج دين كـ "زير نساء"، في حين أنه كان في الحقيقة
- ثنائي الميول الجنسية، يعاني من صراع داخلي حاد بسبب ميوله.
- يوضح كولافيتو أن دين لم يكن يشعر بالمتعة في مواعدة النساء
- أو ممارسة الجنس معهن، وكان يربك الفتيات اللاتي يواعدهن
- إما بعدم الاهتمام، أو بعرض رسومات فاحشة لرجال يمارسون الجنس.
- يرى كولافيتو أن دين كان متواطئًا مع الاستوديوهات في تورية حقيقته
- وأنه كان يسعى جاهدًا للتحكم في صورته
- بل وصل به الأمر إلى دفع الأموال لرجل
- قام بابتزازه
وتهديده بالكشف عن علاقاته مع رجال.
**تمرد بلا سبب تعقيدات شخصية دين**
يحلل كولافيتو بعمق
علاقات دين المعقدة مع زملائه في هوليوود، حيث يوضح كيف كان ينظر إليه بعض الكتاب والمخرجين والشخصيات اللامعة، مثل مارلين مونرو ومارلون براندو، بكراهية شديدة
بسبب سلوكياته الغريبة، ومواقفه المتهورة. يصف الكتاب كيف كان دين يعبر عن رأيه
بصراحة، ويصف المديرين التنفيذيين المتسلطين بـ "مصاصي الدماء"، ويقول
بعد أن حقق النجاح: "أرفض أن أنجرف إلى هذا النوع من الأشياء".
- كما يوضح الكتاب أن دين لم يكن مجرد متمرد بلا سبب
- بل كان لديه وعي عميق بمشاكل عصره، وقضايا مجتمعه
- وكان يقرأ بشغف لأدباء مثل فيديريكو غارسيا لوركا وألبير كامو.
- كما كان دين رياضيًا ممتازًا، لكنه لم يكن يبالي بالأخطار الجسدية
- وهو ما يفسر كيف لعبت
القيادة المتهورة دورًا في وفاته المأساوية.
**الخلاصة أسطورة تتحدى الزمن**
يقدم كتاب "جيمي: الحياة
السرية لجيمس دين" صورة دقيقة وشاملة لحياة هذا النجم الأسطوري، متجاوزًا
الصورة النمطية التي رسمتها له هوليوود. يكشف الكتاب عن الجوانب الخفية من شخصية
دين المضطربة، ويسلط الضوء على العوامل التي أثرت في تشكيل شخصيته الفريدة، وفي
صعوده الصاروخي نحو النجومية، ومن ثم سقوطه المفجع.
- إن كولافيتو لا يتردد في فضح التناقضات الأخلاقية في هوليوود
- ويظهر كيف كان دين ضحية لظروف عصره
- ولضغوط صناعة السينما التي لا ترحم. لكنه في الوقت نفسه
- يوضح أن دين لم يكن مجرد ضحية
- بل كان أيضًا فنانًا مبدعًا، ومتمردًا جريئًا
- وشخصًا يمتلك وعيًا عميقًا
بنفسه وبالعالم من حوله.
في نهاية المطاف
يتركنا هذا الكتاب بتساؤلات أكثر من الإجابات، ويؤكد لنا أن أسطورة جيمس دين، ستظل
تتحدى الزمن، وستظل تثير فضولنا، وتدفعنا إلى إعادة النظر في مفهوم النجومية، وفي
معنى الحياة نفسها. إن كتاب "جيمي: الحياة السرية لجيمس دين" ليس مجرد
سيرة ذاتية، بل هو رحلة في أعماق النفس البشرية، وتأمل في تعقيدات الوجود، وصراع
الفرد من أجل التعبير عن ذاته في عالم لا يرحم.
يصدر كتاب "جيمي: الحياة السرية لـ جيمس دين" لـ جيسون كولافيتو عن دار أبلاوز في الـ19 من يناير، وتباع النسخة الواحدة بسعر 25 جنيهاً استرلينياً.