recent
أخبار ساخنة

## "سفينة الجزيري" : رحلة تمرد على واقع مأزوم في عالم محمد جبريل

الصفحة الرئيسية

 

## "سفينة الجزيري" : رحلة تمرد على واقع مأزوم في عالم محمد جبريل

 

**في رحلة أدبية تتخطى حدود الواقع وتغوص في أعماق النفس البشرية، يقدم الكاتب المصري محمد جبريل روايته الجديدة "سفينة الجزيري" التي صدرت عن دار "بيت الحكمة" بالقاهرة، ليعود إلى بيئته المفضلة التي تتشكل في أزقة الإسكندرية الساحرة، وتحديداً على شواطئ البحر الأبيض المتوسط التي تُحمل في طياتها قصصاً من شخوص ومهن وأساطير.**


## "سفينة الجزيري" : رحلة تمرد على واقع مأزوم في عالم محمد جبريل

## "سفينة الجزيري" : رحلة تمرد على واقع مأزوم في عالم محمد جبريل



 

**تُعدّ رواية "سفينة الجزيري"

 بوابةً جديدة للدخول إلى عالم محمد جبريل الفريد، حيث يشتهر بكونه واحداً من أهم روّاد السرد في جيل السبعينات في مصر. في هذه الرواية، يسلط الضوء على رغبة الإنسان في البحث عن الخلاص والوصول إلى السلام النفسي في عالمٍ مملوءٍ بالصراعات والتناقضات.**

 

**يقودنا جبريل في "سفينة الجزيري" إلى سؤالٍ ملحٍّ: كيف يمكن أن نصل إلى بداية جديدة في ظلّ واقعٍ مأزومٍ يمتلئ بالتشوهات التي تُلوّث نفوس أبطاله؟ وكيف يمكن أن نُحقق حلم الانعتاق في عالمٍ لم يتغير فيه البشر؟ هل يمكن أن نراهن على خلاصٍ حقيقيٍّ في حين لم نتخلّص من القيود التي تُحاصرنا من الداخل، تلك القيود التي تجعلنا عاجزين عن التكيف مع الواقع، محبطين من الهروب، حتى لو كان الهروب على متن سفينةٍ خياليةٍ يقودها ربانٌ حالمٌ خرج من عالم الأساطير القديمة، يُحركه الشغف لكنّه ينقصه الواقعية؟**

 

**في "سفينة الجزيري"

 نلتقي "محيي عامر"، الشخصية الرئيسية التي تبدو للوهلة الأولى كشخصٍ عاديٍّ يمرّ علينا دون أن نُلاحظ وجوده، موظفٌ إداريٌّ في مستشفىٍ عامٍّ، يُتقن صناعة أدوات البحر والكراسي من خشب السفن القديمة في ورشته. لكنّ هذا الشخص يُخفي في داخله رغبةً عارمةً في تغيير العالم، في صنع عالمٍ جديدٍّ يسوده الحقّ والخير والجمال. ويشعر "محيي" بأنّ رغبته تلك مستحيلة التحقيق في عالمٍ تُسيطر عليه القيم الفاسدة وتُشوهه الصراعات المستمرة من أجل لقمة العيش.**

 

**يقرر "محيي عامر" الهروب من هذا الواقع المُرّ، ليتجه نحو جزيرةٍ بعيدةٍ ظلت تراوده في أحلامه كثيراً بحثاً عن الخلاص المنشود، ويُطلق عليه أصدقائه لقب "الجزيري" من فرط هوسه بفكرة الجزيرة. يبني سفينةً مستلهماً قصة نوح، عليه السلام، ويُقرر أن ينقل على متنها عدداً من "الأخيار"، لكنّ الواقع يُلقيه في مواجهةٍ مع مفاجآتٍ مُذهلةٍ، تتحدى أمنياته وتُثير تساؤلاتٍ حول ماهية الخلاص الحقيقي.**

 

**يُقدم جبريل في "سفينة الجزيري"

 صورةً واضحةً عن إشكالية البحث عن الخلاص في عالمٍ ملئٍ بالصراعات الداخلية والخارجية،  فالشخصيات التي تلتقي "محيي" بها على متن السفينة، ليست خاليةً من النقائص والعيوب، فهي تُجسّد الواقع المُعقّد الذي يُحيط بنا، حيث  القلق والخوف والطمع والرغبة في السلطة، جميعها مشاعرٌ تسكن داخل الإنسان وتُؤثر على قراراته.  ويهدف جبريل من خلال هذا التناقض إلى عرض فكرة أنّ التغيير الحقيقي  يبدأ من الداخل، وأنّ الخلاص الحقيقي لا يمكن تحقيقه من خلال الهروب من الواقع، بل من خلال التغلب على القيود التي تُحاصرنا من الداخل.**

 

**تُعتبر "سفينة الجزيري"  رحلةً فلسفيةً تُثير تساؤلاتٍ عميقةً حول ماهية الخير والشر، وكيفية التغلب على الواقع المرّ،  والتّساؤل حول قدرة الإنسان على تغيير العالم أو تغيير نفسه،  وذلك من خلال لغةٍ سلسةٍ،  ووصفٍ دقيقٍّ لشخصيات الرواية،   وتقديم صورةٍ نابضة بالحياةٍ  لبيئة الإسكندرية،  التي تظهر  في الرواية  كشخصيةٍ  ثالثةٍ   ذات   تأثيرٍ   عميقٍ   على   أحداث   القصة.**

 

**من خلال هذه الرواية،

 يُثبت محمد جبريل   قدرته   الاستثنائية   على  غوص   في   أعماق   نفس   الشخصيات   و   كشف   مخاوفهم   وأحلامهم،    كما   يُقدم   صورةً   واقعيةً   لواقعنا   المعقد    وتناقضاته    وتشابكاته،    دون    أن    يُفقد    قُدرته    على    إثارة    الأمل    و   الروح    المُتَفَائِلَة    في    النّهاية.**

 

**في "سفينة الجزيري" نجد أنّ جبريل لم يكتفِ فقط بِإثارة  قضايا  الخلاص   و   التغيير،   بل    أضاف    طابعاً    خاصاً    إلى   رواياته    من   خلال   تقديمه    لِعناصر   الخيال    و    الأساطير    التي    تُعطي    لِقصته    نكهةً    ثقافيةً    وتاريخيةً    مُمتعةً    و    غنيةً    بالدلالات.**

 

**من خلال هذه   المُزيج   من   الواقعية    و    الخيال

   يُقدم    محمد    جبريل    رسالةً    مهمةً    للإنسان    العربي،    رسالة    تُشير    إلى   أهمية    البحث    عن    الحقيقة    و    التغيير    من    داخل   نفس    الشخص    قبل    الِتَطلُّع    إلى    تغيير    العالم،    وتُذكرنا    بِضرورة    تقدير    الجمال    و    القيم    الخيرية    التي    فقدناها    في    مجتمعاتنا.**

 

**يُعدّ "سفينة الجزيري"  من   الروايات   المُثيرة   للفكر    و    التساؤلات    العقلية    و    الروحانية،   و    يُمكن   أن    تُصنف    كواحدةٍ    من    الروائع   الادبية   التي   تُثري   مشهد    الكتابة    العربية   بتراثها    و    فلسفتها   و    شخصياتها    المُفعمة    بالحياة.**

 

**في   النّهاية،

    نُوصي   كُل    عاشق    للأدب    بِقراءة    رواية    "سفينة    الجزيري"،    لِكَشف    أخِفى    الأسرار    و    التناقضات    التي    تسكن    داخل   نفوسنا    و    تُحرك    أفعَالَنا،    لِفهم    ما    يعني    أن    نَكون    بشرًا    في    هذا    العالم   المُعقّد    و    المُليء    بالصراعات.**

author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات

    google-playkhamsatmostaqltradent