## "أبو التكتك": مسرحية عراقية سياسية ساخرة تتحدى الواقع
صدرت عن "دار السرد" ببغداد مؤخراً
مسرحية "أبو التكتك" للكاتب المسرحي ماجد الخطيب، والتي تقع في 77 صفحة
من القطع المتوسط. تُعَدّ هذه المسرحية رحلةً جديدةً في عالم المسرح العراقي، حيث
تُعيدنا إلى أجواء المسرح الاجتماعي - السياسي التحريضي المباشر التي كانت سائدةً
في خمسينات القرن الماضي.
## "أبو التكتك": مسرحية عراقية سياسية ساخرة تتحدى الواقع
تُذكّرنا "أبو التكتك" بأعمال رواد المسرح الأوائل
، مثل "آنه أمك يا شاكر" و"الخرابة"،
التي كانت عروضها تُنهى بتظاهرات صغيرة تندد بالقمع السياسي في تلك الحقبة.
يستوحي الكاتب ماجد الخطيب، المقيم في ألمانيا،
من المسرحي الإيطالي الكبير داريو فو (الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1997) مقارناته
الاجتماعية الساخرة بين شخصياته المسحوقة والأخرى "المتأنقة" في مسرحيته
"واحد عريان وواحد في بدلة السهرة" ليقدم لنا مسرحية عراقية سياسية تسخر
من المحاصصة والفساد والطغيان.
تكشف "أبو التكتك" عن الوجه القبيح للواقع العراقي
، حيث تُسلط الضوء على ما يمكن أن يحدث للفاسدين
وباعة الضمير والوطن لو انقلبت الأمور يوماً وحانت ساعة الهروب بحقائبهم المنتفخة
بالدولارات.
يعرّي الكاتب أباطرة الفساد
الجاثمين على أنفاس المواطنين، ويكشف لنا موقعهم
القادم في التاريخ بمشاهد مسرحية رمزية معبرة. لا سيارة مصفحة، ولا هليكوبتر، بل
ولا حتى تكتك يقلهم إلى منافذ الهروب عبر الحدود. ربما يختارون "الزبالة"
طوعاً، لكن لـ"أبو التكتك" رأي آخر.
اختار الكاتب شخصياته بعناية من شرائح المجتمع العراقي المختلفة
التي
ساهمت في الانتفاضة وقدمت التحيات والشهداء والجرحى والمعاقين. فهناك "أبو
التكتك" المصاب في قدمه خلال أحداث الانتفاضة الباسلة، وهناك بائع الشاي
الأنيق، وهناك الأم التي تخفي المناشير تحت كمامات "كورونا" التي توزعها
على المتظاهرين.
وهناك في المقابل الرجل العاري الأول والرجل
العاري الثاني وحقيبتيهما المنتفخة بالدولارات وهما يختفيان في "تكتك الزبالة"
ويحاولان رشوة أو التكتك وبائع الشاي لمساعدتهما على الهروب مما يدعيانه "يوم
الصلوخ العالمي" أو "يوم الخيانة الزوجية العالمي".
يبّرز الخطيب، من خلال شخصية "أم عبد"
في المسرحية، دور المرأة في الانتفاضة ودور الانتفاضة ككل في رفع وعي العراقيات
والعراقيين وزيادة ولحمتهم تحت شعار "لا للفساد".
تُقدّم "أبو التكتك" صورةً ساخرةً عن
مصير ملوك الفساد والمحاصصة في العراق.
ففي عالم المسرح، نرى هذه الشخصيات تُحاول الهروب من غضب الشعب، لكن الواقع
يُذكرنا بأنّ الهروب ليس بهذه السهولة.
تُعَدّ هذه المسرحية رسالةً واضحةً من الكاتب،
تُؤكّد على ضرورة محاسبة الفاسدين وتقديمهم للعدالة.
إنها دعوةٌ إلى التغيير، إلى التحرر من ثقافة
الفساد، وتُذكّرنا بأنّ الشعب العراقي
قادر على التحدي ومواجهة الظلم.
تُعتبر "أبو التكتك" مسرحيةً تجرؤ على
التطرق إلى القضايا السياسية والاجتماعية الحساسة في العراق.
فالكُتّاب الذين يجرؤون على إثارة
مواضيع من هذا القبيل يواجهون
صعوباتٍ كبيرةً، لأنّهم يخاطرون
بحرية التعبير و
الحياة ذاتهم.
لكنّ ماجد الخطيب اختار
مواجهة التحدي و
الوقوف مع شعب
بلاده، و اختار
أن يستخدم فن
المسرح منصةً لإيصال
رسالته.
تُعتبر "أبو التكتك" مثالاً
رائعاً على دور
المسرح في التوعية
و التغيير.
ففي
العالم العربي ،
تُواجه المسرحيات التي
تُسلط الضوء على
القضايا السياسية و
الاجتماعية الحساسة صعوباتٍ كبيرةً في
العرض و الترويج.
لكنّ "أبو
التكتك" تُثبت أنّ
المسرح لا يزال
قادرًا على التأثير
في الوعي و التغيير في
العالم العربي.
تُعتبر "أبو التكتك" نتاجًا
مُتَأثّرًا بالمرحلة السياسية
و الاجتماعية التي
يعيشها العراق ،
و تُعبّر عن
آلام و آمال
الشعب العراقي.
وتُثبت
هذه المسرحية أنّ
المسرح العراقي لا
يزال حيًا و
قادرًا على التعبير
عن القضايا المهمة
للشعب العراقي.
يُذكر
أنّ لوحة الغلاف
كانت للفنان تحسين
الزيدي، و تنسيق
الداخلي و تصميم
الغلاف للفنان فلاح
العيساوي.