recent
أخبار ساخنة

## النقص: بوابة نحو الكمال - رحلة في أعماق الوجود

 

 

## النقص: بوابة نحو الكمال - رحلة في أعماق الوجود

 

في رحلة الإنسان الروحية، كثيرا ما نصادف مفاهيم تشكل تحديا لفهمنا للكون والوجود. من تلك المفاهيم، يأتي مفهوم "الكامل" و"الناقص".  يُطرح السؤال المُلح: كيف يمكن لوجودٍ "كامل" أن يحتوي على نقصٍ و معاناة؟  فإن كان الكونُ متكاملاً، لِمَ تُوجد مثل هذه الكوابيس، مثل هذه المعاناة التي تُحيلُ على شعورٍ بالألم والانكسار؟


## النقص: بوابة نحو الكمال - رحلة في أعماق الوجود

## النقص: بوابة نحو الكمال - رحلة في أعماق الوجود



 

## الحلم والمسرحية:

 

يُقدم لنا الفكر الروحاني منظورا فريدا لمعالجة تلك التناقضات. ففي هذه الدوائر، لا يُعتبر النقصُ  نقيصةً، بل يُنظر إليه كجزء لا يتجزأ من مفهوم الكمال.  إنَّهُ مثلَ مشهدٍ في مسرحية، حيث تُبرزُ شخصيةٌ ما تناقضها مع شخصيةٍ أخرى لتُظهرَ توازُنَ العالم، وتُكملَ بعضُها بعضاً.

 

فكّرْ في الحزن، على سبيل المثال:  لا يُمكنُ أن يكونَ هنالكَ فرحٌ بدونَ الحزن.  إنَّهما  قطبان متناقضان، لكنهما ضروريان لتذوقِ الحياةِ بكاملِ ألوانها.   فالحزنُ يُساعدُنا على تقديرِ قيمةِ الفرحِ، ويُمكنُنا من فهمِ معنى الحياةِ  والتعلُم من تجاربنا. 

 

## من أنا، و من هو الآخر؟

 

إنَّ هذا التناقض يُساهمُ أيضاً في فهمِ طبيعةِ الإنسانِ:  لا يمكنُنا الشعورُ بالـ"أنا"  بدونَ الشعورِ بـ"الآخر".   فالشعورُ  بـ "الأنا"  يُمكنُنا من التواصلِ مع العالمِ الخارجي،  والتفاعلِ  معه،  وبناءِ العلاقاتِ مع الآخرين.

 

##  الصحوة من نومِ الأنا:

 

لكنَّ  حقيقةَ  الأمرِ  أنَّ  هناكَ  طبقاتٌ  مُتعددةٌ  للفهمِ  في  هذهِ  الرحلةِ الروحيةِ.  فكثيرٌ  منَ  الناسِ  يُدركونَ  مفهومَ  الـ"أنا"  كشكلٍ  محدودٍ  للذاتِ.  يُركزونَ  على  الأفكارِ  والرغباتِ  الشخصيةِ،  ويفقدونَ  الرابطَ  معَ  الوجودِ  الكاملِ  الذي  يُمثلهُ  الشعورُ  بـ"الأنا"  الحقيقيةِ. 

 

فالعقباتُ التي  نُواجهها  في  حياةِ  الأفرادِ  هي  نتيجةٌ  لِهذا  التَورّطِ  العميقِ  في  مفهومِ  الـ"أنا"  الضيقِ،  ولِمحاولةِ  التحكمِ  بالوجودِ.   فنتيجةً  لِهذا  الجهلِ  بِطبيعتنا  الحقيقيةِ،  نُصبحُ  أكثرَ  تَورّطاً  في  المعاناةِ  والتَشتتِ. 

 

إنَّ "الصحوة"  هي  عمليةُ  التحررِ  من  هذا  النومِ  الروحي،  وهي  رحلةٌ  لِكشفِ  الحقيقةِ  والتَعرّفِ  على  ذاتنا  الحقيقيةِ،  ذاتنا  الكاملةِ  والمُتصلةِ  بِالوجودِ الكلي.  

 

##  الاستيقاظُ من الكابوس:

 

فكّرْ  في  ذلكَ  الكابوسِ  الذي  يُرافقُ  حياتنا  كأفرادٍ.  إنَّهُ  يُتكونُ  من  أفكارٍ  أنانيةٍ  تَدورُ  حولَ  "أنا  أريدُ  هذا،  لا  أريدُ  ذلك،  أنا  أفضلُ  ذلك".  

 

ولكنْ،  ما  هي  حقيقةُ  هذا  الكابوسِ؟   إنَّهُ  مجردُ  جزءٍ  من  الحلمِ  الوجوديّ  الذي  نُختبرهُ.  

 

إنَّ "الكابوس"  هو  مجردُ  فهمٍ  محدودٍ  للواقعِ،  فقدانُ  القدرةِ  على  رؤيةِ  الجمالِ  والتناغمِ  الذي  يُشكلُ  الوجودَ.  

 

##  الجمالُ  في  التجربةِ:

 

إنَّ  كلَّ  تَجربةٍ  في  حياةِ  الإنسانِ،  سواءُ  كانتْ  سَارةً  أمْ  مُؤلمةً،  هيَ  جزءٌ  من  اللعبةِ الوجوديةِ التي  نُشاركُ  فيها.  لا  يُوجدُ  هناكَ  "خيرٌ"  و"شرٌ"  بطبيعتهما،  بل  هيَ  مجردُ  مُصطلحاتٌ  نَصنعُها  في  ذهننا.

 

فالحياةُ  هي  مُزيجٌ  منَ  التجاربِ  التي  نُدركُ  من  خلالها  مُختلفَ  أوجهِ  الوجودِ.  إنَّها  رحلةٌ  للتعليمِ  والتطورِ،  وكلَّ  تَجربةٍ  هيَ  فرصةٌ  لِتَوسيعِ  أفْقِنا  وَفَهْمِ  مُختلفَ  أوجهِ  الوجودِ.

 

##   مُغادرةُ  الكابوس: 

 

كيفَ  نُغادرُ  هذا  الكابوسِ؟ 

 

  إجابةً  بسيطةً  وعميقةً  في  نفسِ  الوقتِ:  أبدأْ  في  قولِ  "شكراً  لك".  ابحثْ  عن  أشياءَ  في  حياتكَ  تَستحقُ  شكرَكَ،  مهما  كانتْ  بسيطةً. 

 

عندما  تُركزُ  على  الجمالِ  وَالتناغمِ  في  حياتكَ،  تُصبحُ  أكثرَ  وَعيًا  بِجمالِ  الوجودِ  ككلٍّ.  إنَّها  عمليةُ  تحويلِ  النَظرةِ  من  النقصِ  إلى  الكَمالِ،  من  الكابوسِ  إلى  الحلمِ  الوجوديّ. 

 

##   الوجودُ  الإلهيّ: 

 

  فكرةً  مُهمةً:  أنَّ  "كلَّ  هذا  المَظْهَرَ  ما  زالَ  جنةَ  عدنَ".  لكنَّنا  لا  نُدركُ  ذلكَ  لأنَّنا  نُنظرُ  إلى  العالمِ  من  خلالِ  نظاراتِ  النقصِ  والجهلِ  والأنانيةِ.

 

إنَّ  "العالمُ  الإلهيّ"  يُوجدُ  من  حولِنا  دائماً،  لكنَّنا  نَفقدُ  رؤيتهُ  بِسببِ  تَورّطِنا  في  مُسلّماتِ  الـ "أنا"  الضِيقِ. 

 

##  العالمُ  من  خلالِ  الـ"أنا": 

 

ي على  أنَّ  كلَّ  شخصٍ  يُرى  العالمَ  من  خلالِ  نظارتهِ  الخاصةِ  المُشكّلةِ  من  هويتهِ  وَأفكارهِ  وتَجاربهُ. 

 

إنَّ  كلَّ  فردٍ  يَخلقُ  عالمهُ  الخاصّ  بهُ،  عالمٌ  مليءٌ  بِتَفضيلاتهِ  ورَغباتهِ  وَتحيزاتهِ. 

 

##   العالميّ  وَالقبليّ:  

 

إنَّ  الإنسانَ  الذي  طَهّرَ  عقلهُ  من  الـ"أنا"  الضِيقِ،  هو  الذي  يُدركُ  العالمَ  كما  هوَ،  بِكلّ  جمالهِ  وَتَناقضاتهِ. 

 

إنَّهُ  يُصبحُ  "عالمياً"  في  فَهْمِهِ  وَإدراكهِ،  ليتَحرّرَ  منَ  القيودِ  التي  تَفرضها  القبيلةُ  الاجتماعيةُ  وَالثقافيةُ. 

 

##  الخلاصُ  منَ  الوهمِ: 

 

فكّرْ  في  ذلكَ  الإنسانِ  الذي  تَحرّرَ  منَ  وهمِ  "إدارةِ  الوجودِ".  إنَّهُ  لا  يُحاولُ  التحكمَ  بالأشياءِ،  ولا  يَخافُ  منَ  المجهولِ،  بل  يَتَحركُ  في  انسجامٍ  طَبيعيٍّ  معَ  الوجودِ. 

 

إنَّهُ  يُدركُ  أنَّ  الجسدَ  فانٍ،  لكنَّ  الروحَ  الخلدةَ  تَسكنُ  داخلهُ. 

 

##   كَشفُ  الحقيقةِ: 

 

دعوة  لِكشفِ  الحقيقةِ  والتعرفِ  على  ذاتنا  الحقيقيةِ،  بينما  لا  يزالُ  جسدنا  دافئًا. 

 

إنَّ  رحلةَ  الإنسانِ  هيَ  رحلةُ  كشفِ  الحقيقةِ،  وَالتحررِ  منَ  الـ"أنا"  الضِيقِ،  ليُصبحَ  جزءًا  منَ  الوجودِ الكليّ  والمُتّحدِ. 


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات

    google-playkhamsatmostaqltradent