## جيل القلق: كيف تُغرقنا التكنولوجيا
في بحر من الاضطرابات؟
تُشير الإحصائيات إلى أن جيل الألفية، المولودين
بعد عام 1981، هم أكثر الأجيال إصابة بالقلق والاكتئاب في تاريخ البشرية. لا ينحصر الأمر على جيل الألفية، بل يتعداه
ليشمل جيل زد، المولودين بعد عام 1997، الذين
يُعانون من مستويات أعلى من القلق
والاكتئاب، وحتى من أفكار الانتحار، مقارنة بأي جيل سابق.
## جيل القلق: كيف تُغرقنا التكنولوجيا في بحر من الاضطرابات؟
قد يظن البعض أن هذه الظاهرة مُرتبطة بظروف اجتماعية واقتصادية صعبة،
لكنها في الواقع ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتطور
التكنولوجيا وتأثيرها على حياتنا
اليومية. لقد أصبحت الهواتف الذكية ومواقع
التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا،
لكن هل تُقدم لنا
هذه التكنولوجيا الراحة أم تُغرقنا
في بحر من الاضطرابات؟
**الطفولة القائمة على الهاتف: فقدان البراءة وسرقة السعادة**
في كتابه "الجيل القلق"، يُحذر عالم النفس الأمريكي جوناثان هايدت
من خطورة التكنولوجيا على الطفولة
والتطور النفسي للأطفال.
يشرح كيف أصبحت الطفولة
"طفولة قائمة على الهاتف"
بدلاً من "طفولة قائمة على
اللعب". فبدلاً من قضاء
وقت في اللعب
في العالم الحقيقي،
أصبح الأطفال ملتصقين
بأجهزتهم اللوحية و
الهواتف الذكية، مُتابعين
مواقع التواصل الاجتماعي
و مُنغمسين في
العالم الافتراضي.
يُؤكد هايدت
أن هذه العالم
الافتراضي يُغري الأطفال
بصور زائفة للسعادة
والنجاح، ويُعزز شعورهم
بالقيمة بناءً على
عدد الإعجابات والتعليقات
التي يحصلون عليها
على مواقع التواصل.
هذا يُعزز شعورهم
بالقهر و المقارنة
مع غيرهم، ويُضعف
ثقتهم بنفسهم ويُجعلهم
يُعانون من مُشكلات
نفسية كثيرة.
**أضرار هائلة على الصحة النفسية**
تُشير
الدراسات إلى أن استخدام
الهواتف الذكية و
مواقع التواصل الاجتماعي
لفترات طويلة يُؤثر
بشكل سالب على
الصحة النفسية للكبار
والصغار. يُعاني المُستخدمون
من مُشكلات النوم
و تشتت الانتباه
و القلق و
الاكتئاب، بالإضافة إلى زيادة أفكار
الانتحار.
لا
يُمكن تجاهل أن
مواقع التواصل الاجتماعي
تُصمم لإدمان المُستخدمين،
من خلال التصميم
المُثير و الإشعارات
المُستمرة التي تُحرك
رغبتنا في التفاعل
ومُشاركة الآخرين. تُشبه
هذه الإشعارات مُكافأة
للدماغ، تُجعله يُريد
المزيد من التفاعل
مع مواقع التواصل،
مُؤدية إلى دائرة
مُفرغة من الإدمان.
**الفتيات الأكثر عرضة للخطر**
تُشير
الدراسات إلى أن
الفتيات المُراهقات أكثر
عرضة للمُشكلات النفسية
التي تُسببها مواقع
التواصل الاجتماعي من
الذكور. يرجع ذلك
إلى طبيعة مواقع
التواصل الاجتماعي التي
تُركز على المظهر
و الجمال، و
التي تُعزز شعور
الفتيات بالمقارنة و
القلق من عدم
الوصول للمُثُل الجمالية.
**الرجال
وتأثير مواقع التواصل
الاجتماعي**
لا
ينحصر تأثير مواقع
التواصل الاجتماعي على
الفتيات فحسب، بل
يُؤثر بشكل سالب
على الذكور أيضًا،
ولكن بطرق مُختلفة.
فبينما تُركز الفتيات
على المظهر و
الجمال، يُركز الذكور
على النجاح و
الشهرة و السلطة،
وتُصبح مواقع التواصل
وسيلة لمُشاركة التجارب
و النجاحات و
الانتقاص من غيرهم.
وهذا يُؤثر على
ثقتهم بنفسهم ويُجعلهم
أكثر عرضة للاكتئاب
و القلق.
**الحد من تأثير التكنولوجيا**
لا
يُمكن لنا أن
نُنكر أهمية التكنولوجيا
في حياتنا اليومية،
لكن يجب علينا
أن نُدرك خطورة
إدمانها وتأثيرها على
صحتنا النفسية. لذلك
يجب علينا أن
نتخذ بعض الخطوات
للحد من تأثير
التكنولوجيا على حياتنا
و أطفالنا:
* **حدد
وقت استخدام الشاشات:**
يُمكن لنا أن
نحدد وقت مُحدد
للاستخدام الهواتف الذكية
و الأجهزة اللوحية،
و نُخصص وقت
للعمل و الترفيه
و الاسترخاء بعيدًا
عن التكنولوجيا.
* **إغلاق
الإشعارات:** يُمكن لنا
أن نُغلق الإشعارات
من مواقع التواصل
الاجتماعي و البريد
الإلكتروني و التطبيقات
المُختلفة خلال وقت
الراحة و الاسترخاء
للحصول على راحة
ذهنية أفضل.
* **تُواصل
حقيقي:** يجب علينا
أن نُعطي الأولوية
للُتواصل الحقيقي مع
أصدقائنا وعائلاتنا بدلاً
من التواصل الافتراضي.
يُمكن لنا أن
نُخصص وقت للقائي
مع الأصدقاء و
العائلة و مُمارسة
الأنشطة المُشتركة و
مُشاركة الوجبات و
الرحلات.
* **التقليل
من المُقارنة:** يُمكن
لنا أن نُقلل
من مُقارنة أنفسنا
بالآخرين على مواقع
التواصل الاجتماعي. يُمكن
لنا أن نُركز
على النجاحات والأهداف
الشخصية، و نُدرك
أن كل شخص
فريد من نوعه
و له مساره
المُختلف في الحياة.
**الخلاصة**
تُعتبر
التكنولوجيا جزءًا لا
يتجزأ من حياتنا
اليومية، لكن يجب
علينا أن نُدرك
خطورة إدمانها وتأثيرها
على صحتنا النفسية.
يجب علينا أن
نُخصص وقت للعيش
في العالم الحقيقي
و مُشاركة الآخرين
في الُتواصل الحقيقي،
و أن نُركز
على النجاحات و
الأهداف الشخصية بدلاً
من المُقارنة مع
الآخرين. يُمكن لنا
أن نُستمتع بِمُزايا التكنولوجيا
دون أن نُصبح
ضحايا لها.