## أوس بن حجر: شاعرُ تميمِ المُبدعُ

 

 

 

خطاب الذات في السيرة الذاتية النسائية: هواجس الكاتبات العربيات

تُعتبر السيرة الذاتية مرآة عاكسة لرحلة الفرد في الحياة، لكنّها عندما تُكتب بأقلام نسائية، فإنّها تتحوّل إلى نافذة تُطلّ على معاناة المرأة في مجتمعات تُحصرها في إطار ضيق من القيود والعادات والتقاليد. ففي السيرة الذاتية النسائية، تُصبح الكاتبة مُؤلفةً وراويةً وبطلةً في آنٍ واحد، مُستعرضةً مشاعرها وأفكارها وهواجسها بجرأةٍ وإخلاصٍ، مُسجّلةً بذلك تاريخاً شخصياً يَكشفُ عن حقيقة واقعها الاجتماعي والثقافي.

خطاب الذات في السيرة الذاتية النسائية: هواجس الكاتبات العربيات

 

يتناول كتاب "خطاب الذات في السيرة الذاتية النسائية" للباحثة د. نعيمة عاشور، هذا الجانب المُهمّ من الأدب العربيّ، مُسلّطًا الضوء على هواجس الكاتبات العربيات في كتاباتهنّ الذاتية، مُستخدماً منهجاً لغوياً نقدياً تحليلياً لفكّ رموزها اللغوية وفهم بنيتها الفكرية.

 

 

تُسلط المؤلفة في كتابها الصادر عن دار "بيت الحكمة"، الضوء على أهمّية مفهوم "السيرة الذاتية النسائية" كشكلٍ أدبيٍّ يُعبّر عن تجربة المرأة الفردية في مجتمع مُحَدّد، مُسجّلاً بذلك تحوّلها من مجرد موضوعٍ للرّوائية، إلى راويةٍ تتحدّث عن ذاتها، عن تجاربها، عن أحلامها، عن معاناتها.

 

 

سمات السيرة الذاتية النسائية:

تُميّز السيرة الذاتية النسائية عن غيرها من أشكال السيرة الذاتية، مجموعةٌ من السمات التي تَكشفُ عن خصوصيتها، وتُلقي الضوء على الاختلافات الجوهرية في طرحها للمواضيع:

التركيز على الذات: تُعتبر الذات الساردة في السيرة الذاتية النسائية محورَ الكتابات، مُستعرضةً مشاعرها، آلامها، هواجسها، أفكارها، مُحاولاً فهمِ ذواتهنّ وطبيعة علاقتهنّ مع العالم الخارجي.

 

 

التركيز على الواقع: تُسلط السيرة الذاتية النسائية الضوء على واقع المرأة في المجتمع، مُجسّدةً قيودها، تَحَدّياتها، معاناتها من التمييز والتهميش.

التحدّي المجتمعي: تُعتبر السيرة الذاتية النسائية شكلًا من أشكال التحدّي للمُجتمع، مُستعرضةً العادات والتقاليد التي تُقيّد المرأة، مُحاولةً تغيير النّظرة السائدة تجاهها.

اللغة الشعرية: تُستخدم الكاتبات العربيات لغةً شعريةً في كتاباتهنّ، مُعبّراتً عن مشاعرهنّ بشكلٍ أدبيٍّ فنيٍّ جميل، مما يُضفي على كتاباتهنّ عمقاً إنسانياً.

تجليات خطاب الذات:

يتّخذ خطاب الذات في السيرة الذاتية النسائية أشكالاً مُختلفة، تُعبّر عن قلق المرأة وهمومها في حياتها اليومية، من خلال:

القلق على مستقبلها: تُعبر الكاتبات العربيات عن قلقهنّ على مستقبلهنّ، مُستعرضاتً معاناتهنّ في الحصول على التعليم، الزواج، الاستقلال، واحتلالهنّ مكانةٍ مُؤثرةٍ في المُجتمع.

 

 

التحدّي لصور المرأة النمطية: تُحاول الكاتبات العربيات من خلال سيرهنّ تفكيك الصّور النّمطية المُسَلّطة على المرأة، ومُحاولة بناء تصوّر جديد لها، أكثر واقعية وإنسانية.

التّعبير عن مشاعر التهميش والتّهميش: تُعبر الكاتبات العربيات عن مشاعرهنّ من التّهميش والتّهميش الّذي تتعرض له المرأة في المجتمع، مُحاولاتً تغيير النّظرة السائدة تجاها دور المرأة في الحياة.

 

 

الاستكشاف ذاتي: تُحاول الكاتبات العربيات من خلال سيرهنّ استكشاف ذواتهنّ، وفهم أهدافهنّ في الحياة، والتّعبير عن رؤيتهنّ للّعالم.

أمثلةٌ على سير الكاتبات العربيات:

تُقدم لنا بعض الكتب التي تُسجّل تجربة الكاتبات العربيات، صورًا مُلفتة عن خطاب الذات في السيرة الذاتية النسائية:

"أوراق شخصية" للطيفة الزيات: تُجسّد هذه السيرة تجربة امرأة تُحاول العثور على ذاتها في مُجتمع تُحصر فيه في إطار ضيق، مُسلّطةً الضّوء على معاناتها من الاكتئاب والحُب وخيبات الأمل.

 

 

"على الجسر بين الحياة والموت" لعائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ): تروي هذه السيرة تجربة امرأة تُحاول تحدّي المجتمع والتقاليد للحصول على تعليمها و تحقيق أحلامها.

"أثقل من رضوى" لرضوى عاشور: تُسلّط السّيرة الضوء على تجربة امرأة تُحاول التّوفيق بين دورها كأم و زوجة ومُثقّفة، مُجسّدةً تحدّيات الحياة والمُجتمع الّتي تواجه المرأة.

 

 

"يوميات مطلّقة" لهيفاء بيطار: تُسلّط السيرة الضوء على تجربة امرأة مُطلّقة تُحاول بناء حياتها من جديد، مُجسّدةً قوّتها وتحدّيها للّصّعوبات والتّحدّيات الّتي تواجه المرأة.

الاستنتاجات:

من خلال تحليل الكتابات الذاتية للّكاتبات العربيات، تُسلّط د. نعيمة عاشور الّضوء على الّدور الّهامّ الّذي تلعبه السّيرة الذّاتية في تقديم صور واقعية للّنساء في المجتمعات العربية. وتُشير إلى أنّ هذه السّير تُساهم في فهم التّحدّيات الّتي تواجه المرأة وتُعرّف الّقارئ بتّجاربها وجُهودها في تحقيق ذاتها.

 

 

أهمّية دراسة خطاب الذات في السيرة الذاتية النسائية:

فهم تجربة المرأة: تُساهم دراسة خطاب الذات في السّيرة الذّاتية النسائية في فهم تجربة المرأة في المجتمعات العربية من خلال صوتها واحتماليات التّعبير عن ذاتها.

تغيير النّظرة المُجتمعية: تُساهم هذه السّير في تغيير النّظرة المُجتمعية لمرأة المُثقّفة التّي تُعبّر عن ذاتها وجُهودها في التّعبير عن مشاعرها وآلامها.

تطوير الّكتابة الذّاتية: تُساهم دراسة خطاب الذات في تطوير الّكتابة الذّاتية الّنسائية وفتح أفقٍ جديد لّكتابة الّذّات في المجتمعات العربية.

 

 

خاتمة:

تُعتبر السيرة الذاتية النسائية أداةً قويةً للتّعبير عن تجربة المرأة في المجتمعات العربية، مُسجّلةً بذلك صوتها واحتياجاتها وآلامها وآمالها. تُساهم هذه السّير في فهم التّحدّيات الّتي تواجه المرأة وإلهام الّأجيال الّقادمة من الّنساء لّلتّعبير عن ذواتهنّ وبناء مستقبلٍ أفضل.