recent
أخبار ساخنة

"عالم ليس لنا": مرايا الغربة والتيه في قصص غسان كنفاني

الصفحة الرئيسية

  

"عالم ليس لنا": مرايا الغربة والتيه في قصص غسان كنفاني

يُعَدّ غسان كنفاني واحداً من أبرز كتاب القصة العربية في القرن العشرين، عرف بأسلوبه المباشر وشخصياته التي تُجسّدُ واقع الإنسان العربي تحت وطأة الاحتلال والغربة. تُقدم مجموعته القصصية "عالم ليس لنا" (1965)، التي صدرت بعد "موت سرير رقم 12" (1961) و"أرض البرتقال الحزين" (1963)، قراءة عميقة لأحوال الإنسان الفلسطيني الذي يُحاول أن يُجدّد علاقته مع وطنه، في عالمٍ مُغلقٍ تُسيطر عليه ثقافة الغربة والهزيمة

"عالم ليس لنا": مرايا الغربة والتيه في قصص غسان كنفاني

"عالم ليس لنا": مرايا الغربة والتيه في قصص غسان كنفاني




 

تُشكل قصص "عالم ليس لنا" مرايا حقيقية تعكس الألم والضياع الذي يُعاني منه الشعب الفلسطيني في تلك الفترة. تُبرز كنفاني عبر حكاياته التناقضات الحادة التي يُعيشها الإنسان، منذ ولادته في عالمٍ مُضطربٍ، مُحاطٌ بقوى تُحاول قمعه أو تدميره.

 

 

قصص تُحكي قصة جيل:

تُعدّ "عالم ليس لنا" أكثر من مجرد مجموعة قصصية، فهي تُشكل سيرة ذاتية لجيلٍ عاش على حدّ السكين، تحت الضغط المستمر للحرب والنفي والغربة. لا تُقدم قصص كنفاني حلولاً للمشاكل التي تُطرح فيها، بل تُركز على التعريف بواقع مُؤلمٍ يُصيب الإنسان بالوهن والإحباط.

 

 

ففي قصة "السراب"، تُبرز كنفاني مشاعر الغربة التي يُعاني منها اللاجئ الفلسطيني في عالمٍ غريبٍ عن ثقافته ووجدانه. يُصبح الشخص الرئيسي في القصّة مُنغمساً في أحلام العودة للوطن ، لكن تُصادفه الواقع المؤلم الذي يُجبره على قبول مُصيره .

وفي قصة "الليل الأخير"، تُصور كنفاني معاناة الطفل الفلسطيني تحت قسوة الاحتلال. يُصبح الشخص الرئيسي في القصّة "بهاء" ضحية للتفجيرات المُستمرة التي تُنهي طفولته وتُحوله إلى شبح .

 

 

وتُعَدّ قصة "العروس" من أهم القصص في المجموعة ، حيث تُسلط الضوء على مُصير الشاب الفلسطيني في المنفى. يُصبح البطل في القصّة "حسين" ضحية للحرب والقتل ، وتُصبح علاقته بالأرض والوطن مُختلة تماماً.

 

 

 

أسلوب فريد و واقعية قاسية:

يستخدم كنفاني أسلوباً واقعياً في قصصه ، و يُركز على تفاصيل الحياة اليومية للفلسطيني تحت الاحتلال. لا يُقدم الكاتب صورًا رومانسية أو مثالية للواقع ، بل يُقدم صورة مُرّة وتُخيف الجمهور بواقع الظلم والعنف.

يُستعمل الرمز في قصص كنفاني بشكل واسع ، و يُصبح التفجير و القتل و الدم رموزًا للفقدان والألم و التدمير. تُصبح لغة القصص لغة الواقع ، تُبرز الظلم والغربة و ألم الضياع الذي يُعاني منه الإنسان الفلسطيني.

 

 

كنفاني و التاريخ:

لم تُكتب قصص "عالم ليس لنا" في فراغ ، بل كانت نتاجًا للحرب و الاحتلال والنفي الذي عاشه الفلسطيني في الستينات من القرن الماضي. تُبرز القصص الواقع المُؤلم للفلسطينيين الذين فقدوا أراضيهم و منازلهم و أحلامهم ، و يُحاولون البقاء على قيد الحياة في عالمٍ غريبٍ عن ثقافتهم و وجدانه .

 

 

أهمية "عالم ليس لنا":

تُعَدّ "عالم ليس لنا" واحدة من أهم مجموعات القصص العربية التي تُقدم قراءة عميقة لواقع الفلسطينيين. تُسلط القصص الضوء على معاناة الإنسان الفلسطيني الذي يُحاول أن يُجدّد علاقته مع وطنه في عالمٍ غريبٍ و مُغلقٍ تُسيطر عليه ثقافة الغربة و الهزيمة .

ما بعد "عالم ليس لنا":

تُعَدّ "عالم ليس لنا" بداية لعصر جديد في القصة العربية ، حيث أصبح الكاتب العربي يُركز على واقع مُؤلم و يُحاول أن يُبرز معاناة الناس و الإنسان العربي ، في عالمٍ مُحاطٍ بالمُشكلات و التحديات.

و لم يكن غسان كنفاني ليكون أحد أبرز كتاب القصة العربية لولا "عالم ليس لنا" ، التي أصبحت معلمًا من معالم الوعي الوطني و الإنساني ، و تُشكل إرثًا ثقافيًا غنيًا يُلهم الأجيال الجديدة من الكتاب و القراء
author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات

    google-playkhamsatmostaqltradent