## "1970" صنع الله إبراهيم: محاكمة أدبية للحقبة الناصرية

 

رجل الدمى: عندما تتراقص خيوط العدالة على مسرح الجريمة

في قلب دولة "ثياترا" المسالمة، حيث ينبض الفن في عروق شعبها المحب للمسرح والجمال، تنكشف فصول مأساة تقلب موازين العدالة وتُسدل الستار على حقبة من السلام الزائف. فبين عشية وضحاها، تهتز أركان الدولة على وقع سلسلة من جرائم القتل الغامضة، لتتحول شوارعها الهادئة إلى مسرحٍ لجرائم بشعة لم تعتدها من قبل.

لم تكن جرائم القتل هذه لتمرّ مرور الكرام، فمع كل ضحية تسقط، يظهر دليلٌ غريب يزيد المشهد تعقيداً وغموضاً: دمية. نعم، دمية صامتة تُلقى جوار جثة الضحية، لكنها تحمل في طياتها رسائلَ مشفرة وأسراراً دفينة كفيلة بتحويل مسار التحقيق وقلب الحقائق رأساً على عقب

رجل الدمى: عندما تتراقص خيوط العدالة على مسرح الجريمة

.

تبدأ خيوط القضية بالتكشف على يد المحقق "براون سورد"، رجل ذو بصيرة ثاقبة وخبرة واسعة في فكّ طلاسم الجرائم المستعصية. يلقي "سورد" بنفسه في دوامة التحقيق، محاولاً فكّ رموز تلك الدمى الصامتة، باحثاً عن رابطٍ يجمع بين الضحايا ويتعقب خيطاً رفيعاً قد يقوده إلى هوية "رجل الدمى"، ذلك اللقب الذي أطلقه العامة على القاتل المتسلسل

 

.

لكن مهمة "سورد" لن تكون بالسهلة، فما يكتشفه مع مرور الوقت يضعه في مواجهة مباشرة ليس فقط مع مجرمٍ ماكر، بل مع مجتمعٍ بأكمله. فمع كل جريمة يرتكبها "رجل الدمى"، تظهر للعلن فضائح مدوية تطال الضحايا، لتُكشف حقيقتهم كأشخاصٍ فاسدين متورطين في قضايا فساد وخيانة. وهنا تنقلب الآية، ويتحول القاتل إلى بطل شعبي في نظر العامة، في حين تُلقى بظلال الشك على الضحايا أنفسهم

 

.

يجد "سورد" نفسه غارقاً في مستنقعٍ من الشكوك، فمن جهة عليه كشف حقيقة "رجل الدمى" وتقديمه للعدالة، ومن جهة أخرى يعلم علم اليقين أن بعض ضحاياه كانوا بالفعل يستحقون العقاب على جرائمهم. فيخوض صراعاً داخلياً مرعباً بين واجبه المهني وبين قناعاته الشخصية، في مجتمعٍ باتت فيه الخطوط الفاصلة بين الخير والشرّ مشوشةً وغير واضحة المعالم

 

.

وتزداد الأمور تعقيداً مع تصاعد حدة المظاهرات المؤيدة لـ"رجل الدمى"، والتي تطالب بإطلاق سراحه وتعتبره مُصلحاً اجتماعياً يُطهر "ثياترا" من الفساد. في هذه الأثناء، يواجه "سورد" صراعاته الشخصية أيضاً، فحياته العائلية على وشك الانهيار، وتطارده أشباح ماضيه الأليم، مما يضعه أمام تحدٍّ جديد هو الحفاظ على توازنه النفسي وسط الفوضى التي تعصف بحياته وحياة مجتمعه

 

.

"رجل الدمى" ليست مجرد رواية بوليسية عادية، بل هي رحلةٌ مشوقة إلى أعماق النفس البشرية، واستكشافٌ جريء لمعضلات العدالة في مجتمعٍ تتلاعب به المظاهر وتُحركه المصالح الشخصية. إنها قصةٌ عن الخيانة والانتقام، عن الأقنعة التي يرتديها البشر لإخفاء وجوههم الحقيقية، وعن الحدود الضبابية بين البطولة والجريمة