recent
أخبار ساخنة

هل العرب اليوم بحاجة إلى الفلسفة؟

 

 

هل العرب اليوم بحاجة إلى الفلسفة؟

في عالم سريع التغير، مليء بالتحديات والأسئلة الوجودية، هل من الضروري أن نعود إلى تلك الفكرة القديمة: الفلسفة؟ هل ما زالت قادرة على تقديم حلولٍ أو إجاباتٍ لمعضلاتِنا المعاصرة؟ أو هل هو مجرد تفكيرٍ أكاديميٍّ بعيدٍ عن واقعِنا اليوميّ؟

يشهد المشهد العربي اليوم نقاشاً حاداً حول دور الفلسفة، فمنهم من يدّعي موتها، ويُفضلون الاعتماد على المعرفة العلمية والتكنولوجيا لتفسير العالم وحلّ مشكلاته، ومنهم من يؤكد على دورها الحيوي في فهمِ الواقعِ والبحثِ عن المعنى، وإعادة صياغةِ أسسِ التفكيرِ والوعيِ.

في محاولةٍ للخروج من دائرةِ التنازعِ هذه، تُقدم "مؤسسة الفكر العربي" بالشراكة مع "معهد تونس للفلسفة" فعاليةً هامةً بعنوان "نحو تفكّر فلسفي عربي جديد" تُلقي الضوء على الحراك الفلسفي العربيّ المستجدّ، وتُناقش دور الفلسفة والحاجة إليها في ظلّ خطابٍ سائدٍ حول موتها، وكيف أنّ هذا الخطابَ يُضعفُ الأسسَ المعرفيةَ التي بنيَت عليها الحداثةَ، مُفضلاً عالمَ الرقمنةِ على عالمِ التفكّرِ.


هل العرب اليوم بحاجة إلى الفلسفة؟

هل العرب اليوم بحاجة إلى الفلسفة؟



 

الحراكُ الفلسفيُّ العربيُّ: بحثٌ عن هويةٍ جديدة

يُسلّط الكتاب المُصدر من قبل مؤسسة الفكر العربي "العرب والحراك الفلسفي اليوم" الضوءَ على هذا الحراكِ الفلسفي العربيّ، مُستعرضاً مشاركات 35 مفكراً وباحثاً من 12 بلداً عربيّاً. تُناقش هذهِ المشاركاتِ قضايا فلسفيّةً عامّةً، من أهمّها:

ضرورة الفلسفة: تُسلّط المشاركاتُ الضوء على أهميّةِ الفلسفةِ في عالمٍ مُشبعٍ بالمعلوماتِ والتكنولوجيا، مُؤكدةً على دورها في تصفيةِ هذهِ المعلوماتِ وتحليلِها، والوصولِ إلى المعرفةِ الحقيقيةِ.

مهمّة التفلسف في عالمنا اليوم: لا يُمكننا فهمُ العالمِ المُعاصرِ من دونِ التفلسفِ، فالظواهرُ المعاصرةُ مثلُ الثوراتِ العربيةِ والتقنياتِ الجديدةِ والتنوعِ الثقافيِّ والاختلافِ الدينيِّ تحتاجُ إلى تفكيرٍ فلسفيٍّ لِفهمِ أسبابِها ونتائجِها.

الفلسفة والمستقبل: تَخَطّى النقاشُ حولَ دورِ الفلسفةِ في العالمِ المُعاصرِ، لِيدخلَ في مستقبلِها، فهل تُقدمُ الفلسفةُ الحلولَ لِتحدياتِ المستقبلِ؟ وكيفَ تُمكنُ أن تُسهمَ في بناءِ عالمٍ أفضلَ؟

حاجةُ العلمِ إلى الفلسفة: تُناقشُ المشاركاتُ العلاقةَ المُتشابكةَ بينَ العلمِ والفلسفةِ، مُؤكّدةً على أنّ العلمَ يحتاجُ إلى الفلسفةِ لِتحديدِ أهدافِهِ وأخلاقياتِهِ، ومُحدداتِ أبحاثِهِ وتطبيقاتِهِ.

جدليّةُ العلاقةِ بينَ العقلِ والإيمان: تَطرحُ المشاركاتُ أسئلةً هامةً حولَ العلاقةِ بينَ العقلِ والإيمانِ، فهل يَتَناقضُ العقلُ معَ الإيمانِ؟ أم أنّهُمَا يَتَكاملُونَ؟ وَكَيْفَ يُمكنُ أنْ تُؤثّرَ الفلسفةُ على هذهِ العلاقةِ؟

 

 

إعادة قراءة التراث الفلسفي العربي:

لا تُغفلُ المشاركاتُ أهميّةَ التراثِ الفلسفيِّ العربيِّ، فهي تُعيدُ قراءةَ أبرزِ المؤلفاتِ الفلسفيّةِ العربيةِ في العَقدَينِ الماضيين، وتُناقشُ فكرَ فلاسفةِ عربٍ معاصرينَ، مُسلّطةً الضوءَ على تفلسفِ المرأةِ العربيةِ.

تُسلّط المشاركاتُ الضوءَ على أهمّيةِالتراثِ الفلسفيِّ العربيِّ في إعادةِ صياغةِ التفكيرِ الفلسفيِّ العربيِّ اليوم، وَتَستعرضُ طرقَ دمجِ التراثِ معَ الواقعِ المُعاصرِ من دونِ الوقوعِ في فخّ التقليدِ الأعمى.

 

 

تحدياتُ ومُعوّقاتُ التفكّرِ الفلسفيِّالعربيِّ:

تُناقشُ الجلساتُ عددًا منَ التحدياتِ والمُعوّقاتِ التي تُواجهُ التفكّرَ الفلسفيَّ العربيَّ اليوم، منها:

غيابُ الحضورِ الفلسفيِّ البارزِ في الخطابِ السياسيِّ العربيِّ المُعاصر: يُلاحظُ العديدُ منَ المُشاركينَ أنّ الفلسفةَ غائبةٌ عن النقاشاتِ السياسيةِ المُتعلّقةِ بالحداثةِ والبناءِ السياسيِّ المدنيِّ للدولةِ، مُؤكّدينَ على أنّ غيابَ الفلسفةِ يُؤثّرُ بشكلٍ سلبيٍّ على مستقبلِ المجتمعِ.

الاعتمادُ الكاملُ على التراثِ الفلسفيِّ الغربيّ: تُؤكّدُ بعضُ المُشاركاتِ على أنّ الفكرَ الفلسفيَّ العربيَّ وجدَ نَفْسَهُ أمامَ حالٍ منَ الامتناعِ المعرفيِّ المُؤقّتِ، ويحتاجُ إلى التحرّرِ منَ الاعتمادِ الكاملِ على التراثِ الفلسفيِّ الغربيِّ والتركيزِ على تطويرِ أسئلتهِ الخاصّةِ.

الضعفُ في نُظمِ التعليمِ الفلسفيِّ: تُلقي المُشاركاتُ اللومَ على نُظمِ التعليمِ الفلسفيِّ في العديدِ منَ الدولِ العربيةِ، مُؤكّدةً على أنّ مُناهجَ تدريسِ الفلسفةِ لا تُعطي الاهتمامَ الكافيَ لِتطويرِ القدرةِ على التفكيرِ الناقدِ والإبداعيِّ

 

.

سُبلُ تعزيزِ التفكّرِ الفلسفيِّالعربيِّ:

تَتَوافَقُ أغلبُ المُشاركاتِ على ضرورةِ تَشجيعِ التفكّرِ الفلسفيِّ العربيِّ، وَتُقَدّمُ عددًا منَ السّبلِ لِتَحقيقِ ذلكَ:

تَطويرُ منَاهجِ تدريسِ الفلسفةِ: تَدعو المُشاركاتُ إلى تَطويرِ منَاهجِ تدريسِ الفلسفةِ في المُؤسّساتِ التعليميّةِ، وَتَشجيعِ التّفكيرِ الناقدِ وَالّإبداعيِّ منذُ الطفولةِ، وَتَقديمِ فلسفةٍ مُبسّطةٍ لِلأطفالِ.

تَشجيعُ التّرجمةِ وَتَوسيعُ مَصادرِها: تُؤكّدُ المُشاركاتُ على أنّ تَشجيعَ التّرجمةِ منَ اللّغاتِ الأجنبيّةِ إلى اللّغةِ العربيةِ يُسهمُ في ثراءِ الحراكِ الفلسفيِّ العربيِّ، وَتَوسيعِ مُشاركةِ الجمهورِ في النقاشاتِ الفلسفيّةِ.

تَشجيعُ الحوارِ وَالتّفاعلِ الفكريّ: تُؤكّدُ المُشاركاتُ على أهميّةِ تَشجيعِ الحوارِ وَالتّفاعلِ الفكريِّ بينَ الفلاسفةِ وَالجمهورِ، وَإقامةِ المؤتمراتِ وَالندواتِ الفلسفيّةِ وَتَشجيعِ النّشرِ وَالتّأليفِ في المجالِ الفلسفيِّ.

 

 

الفلسفةُ وَتَحدياتُ المُجتمعِ العربيِّ:

تُناقشُ الجلساتُ علاقةَ الفلسفةِ بِتَحدياتِ المُجتمعِ العربيِّ المُعاصرِ، فَتَتَناولُ دَورَها في:

التّحليلِ النّفسيّ: تُسلّطُ الجلساتُ الضوءَ على علاقةِ الفلسفةِ بِالتّحليلِ النّفسيّ، فَتَناقشُ دَورَها في فهمِ سيكولوجيّةِ الشّخصِ وَتَطويرِ العلاجِ النّفسيِّ.

الّدين: تَناقشُ الجلساتُ علاقةَالفلسفةِ بِالّدينِ، فَتُؤكّدُ على أنّ الفلسفةَ لا تَتناقضُ معَ الّدينِ، وَإنّما تُسهمُ في فهمِهِ وَتَطويرِ تفسيراتِهِ.

البيئة: تُناقشُ الجلساتُ دَورَ الفلسفةِ في حمايةِ البيئةِ، فَتُؤكّدُ على أهمّيةِ التّفكيرِ الفلسفيِّ في تَغييرِ السّلوكِ الإنسانيِّ وَالّحدّ منَ التّلوّثِ.

الشعر: تُسلّطُ الجلساتُ الضوءَ على العلاقةِ بينَ الفلسفةِ وَالشّعرِ، فَتُؤكّدُ على أنّ الشّعرَ يُعبرُ عنَ أفكارٍ فلسفيّةٍ بِطُرقٍ جماليّةٍ وَإبداعيةٍ.

 

 

الفلسفةُ في عصرِ التّكنولوجيا:

تُناقشُ الجلساتُ دَورَ الفلسفةِ في عصرِ التّكنولوجيا، فَتَتَساءلُ عما إذا كانَ لَها مَكانٌ في "عالمِ التّقنيّة"؟ وكيفَ يَجبُ أن تَتَعاطى الفلسفةُ اليومَ معَ همومِ النّاسِ الحَيَاتيةِ وَمَسائِلهمُ اليوميّةِ؟

خاتمة:

تُسلّطُ فعاليةُ "نحو تفكّرٍ فلسفيٍّ عربيٍّ جديد" الضوءَ على حاجةِ العربِ اليومِ إلى الفلسفةِ لِفهمِ العالمِ المُعاصرِ وَتَحدياتِهِ، وَتَطويرِ أسسِ التّفكيرِ وَالوعيِ، وَبناءِ مستقبلٍ أفضلَ.

تُؤكّدُ المُشاركاتُ على أنّ الفلسفةَ ليستَ مُجرّدَ تفكيرٍ أكاديميٍّ بعيدٍ عنَ الواقعِ، وَإنّما هي أداةٌ لِفهمِ العالمِ وَتَغييرِهِ لِأفضلَ، وَتَستحقّ الاهتمامَ وَالدّعمَ منَ قِبَلِ الجميعِ.


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات

    google-playkhamsatmostaqltradent