## العالم القادم: ملحمة البقاء والأمل في زمن الدمار
في خضمّ الركام، حيث
تتلاشى أطلال الحضارة وتستعيد الطبيعة زمام الأمور، ينسج القدر خيوط علاقة
استثنائية قد تكون مفتاح خلاص البشرية. رواية "العالم القادم" بقلم
تهاني الهاشمي، ليست مجرد قصة خيال علمي وفانتازيا، بل هي رحلة عميقة في أعماق
النفس البشرية والكيانات الغامضة، بحثًا عن معنى الوجود والأمل في عالم ما بعد
نهاية العالم. هذه الملحمة تضع القارئ وجهًا لوجه مع تساؤلات وجودية حول مصير
البشرية، قوة التعاون، وإمكانية إيجاد النور في أحلك الظروف.
![]() |
## العالم القادم: ملحمة البقاء والأمل في زمن الدمار |
**نبذة عن الرواية**
تدور أحداث "العالم القادم" في بيئة آسرة ومروعة في آن واحد؛ عالم دمره حدث كارثي غامض، تاركًا خلفه مدنًا مهجورة ابتلعتها الخضرة البرية. في هذا المشهد البائس، حيث تتصارع الكائنات من أجل البقاء، تنشأ علاقة فريدة وغير متوقعة بين شخصيتين محوريتين: كاتبة بشرية تحمل في قلبها شغف البحث عن المعرفة وتدوين التاريخ المنسي، وكيان غامض من الجن، يحمل بين طياته أسرارًا قديمة وقوى خارقة.
- هذا الثنائي المتباين، يجد نفسه مجبرًا على التعاون في رحلة محفوفة بالمخاطر والتحديات، ليس فقط
- لكشف حقائق العالم المدمر، بل لإيجاد طريق نحو مستقبل أفضل للإنسانية. هل ستنجح هذه الشراكة
- العجيبة في إنقاذ البشرية من مصيرها المحتوم؟ أم أن الصراعات الداخلية والخارجية ستعيق
- مساعيهما؟
**عالم ما بعد نهاية العالم بناءٌ وتصويرٌ احترافي**
تتميز الرواية بقدرة
فائقة على بناء عالم متكامل ومعقد، حيث لا يقتصر الدمار على الجانب المادي فحسب،
بل يمتد ليشمل الجانب النفسي والاجتماعي للبشر الناجين. المدن القديمة التي كانت
تضج بالحياة، أصبحت الآن مجرد هياكل عظمية يكسوها اللبلاب والأشجار، مما يخلق جوًا
من الجمال الحزين والرهبة.
هذه الخلفية الدرامية ليست مجرد ديكور، بل هي جزء أساسي من السرد، تعكس الحالة النفسية للشخصيات وتضيف عمقًا لتحدياتهم.
**الشخصيات تعقيد وتطور**
* **الكاتبة البشرية:** تمثل الأمل في الحفاظ على الذاكرة البشرية
والمعرفة. هي ليست مجرد ناجية، بل هي باحثة عن الحقيقة، تؤمن بقوة الكلمة ودورها
في إعادة بناء الحضارة. تطور شخصيتها يتجلى في تجاوزها لمخاوفها وتحديها للمفاهيم
المسبقة عن الكائنات الأخرى.
* **الجنّي:** يكسر الصور النمطية للجن في الأدب التقليدي. هو ليس
مجرد كائن خرافي، بل يمتلك حكمة عميقة، وقوى خارقة، وربما ماضٍ معقد يؤثر على
قراراته. العلاقة بينه وبين الكاتبة تتطور من الشك والريبة إلى الثقة المتبادلة،
مما يفتح آفاقًا جديدة لفهم التعايش بين الأعراق المختلفة.
**ثيمات الرواية أعمق من مجرد قصة**
تتعمق "العالم
القادم" في استكشاف العديد من الثيمات العالمية ذات الصلة، مما يجعلها تتجاوز
حدود النوع الأدبي الخاص بها:
1. **البقاء والأمل:** على الرغم من الدمار، تظل شعلة الأمل متقدة،
مدفوعة بإرادة الشخصيات في إيجاد حلول لمشاكلهم وإعادة بناء ما تهدم.
2. **التعاون بين المختلفين:** تقدم الرواية نموذجًا فريدًا للتعاون
بين البشر والجن، متحدية الحواجز الثقافية والفروقات الجوهرية بينهما. هذه الشراكة
غير المتوقعة تسلط الضوء على أهمية تجاوز التحيزات من أجل تحقيق هدف مشترك.
3. **البحث عن الحقيقة:** القصة ليست مجرد مغامرة، بل هي رحلة بحث
عن إجابات حول سبب الكارثة، وأسرار العالم الجديد، ومكانة البشرية فيه.
4. **الهوية والتكيف:** الشخصيات مجبرة على التكيف مع واقع جديد
تمامًا، مما يدفعها لإعادة تعريف هويتها ومكانتها في هذا "العالم القادم".
**لماذا يجب أن تقرأ "العالم القادم"؟**
* **سرد آسر:** تتميز الرواية بأسلوب سردي مشوق يحبس الأنفاس، مع
تقلبات غير متوقعة تحافظ على اهتمام القارئ.
* **بناء عالم غني:** تقدم الهاشمي عالمًا تفصيليًا ومقنعًا، يجمع
بين عناصر الخيال العلمي والفانتازيا ببراعة.
* **شخصيات لا تُنسى:** الشخصيات معقدة ومتطورة، يسهل التعاطف معها
وفهم دوافعها.
* **رسالة قوية:** الرواية تحمل رسالة أمل قوية حول قدرة البشر على
التكيف والتعاون من أجل مستقبل أفضل، حتى في أحلك الظروف.
في الختام
تُعد رواية "العالم القادم" دعوة للتأمل في جوهر الوجود البشري وقدرته على الصمود والابتكار. إنها قصةٌ تُلهم الأمل في قلب الدمار، وتؤكد أن الشراكات غير المتوقعة قد تكون هي الخيط الرفيع الذي يربطنا بمستقبل أفضل. ملحمةٌ لا تكتفي بالسرد، بل تُشعل شرارة التساؤل عن مكانتنا في عالمٍ دائم التغير، وتُبين أن الحقيقة الأسمى تكمن في قدرتنا على التكاتف، بغض النظر عن اختلافاتنا
صدرت الرواية شهر 7/ 2025
عن دار العربية للعلوم