recent
أخبار ساخنة

الخازندار: حكاية رجلٍ هرب بالكتب من النار

الصفحة الرئيسية

 

الخازندار: حكاية رجلٍ هرب بالكتب من النار

في قلب مدينةٍ سقطت تحت وطأة غزوٍ وحشي، كان هناك رجلٌ اسمه الخازندار. لم يكن هذا الرجل تاجراً للأموال ولا حارساً للأملاك، بل كان خازناً للكتب. كان يعتقد أن تلك الكتب هي أغلى كنوز المدينة، وأنها تُمثل روحها وتاريخها وثقافتها.


الخازندار: حكاية رجلٍ هرب بالكتب من النار

الخازندار: حكاية رجلٍ هرب بالكتب من النار



 

كان الخازندار يعيش في مكتبة ضخمة تقع في قلب المدينة القديمة. كانت هذه المكتبة مليئة بالكتب النادرة والوثائق المهمة، التي تُعَدّ من أهم المعالم التاريخية للبلاد. كان الخازندار يُحبّ الكتب ويُحافظ عليها كأنها أبناؤه. كان يُمرّر اليوم بين أرفف الكتب، يُقرأ ويُصنّف ويُنظّم كل شيء بدقة ومحبة.

في ليلةٍ سوداءٍ غزت المدينة قواتٌ عدائيةٌ. كانت النار تُشتعل في كل مكان، وحصلت مجازر فظيعة. أراد العدو تدمير كل شيء في طريقه، وذلك لإخماد شرارة الثقافة والتاريخ.

 

 

وعندما وصلت النار إلى باب المكتبة ، فكر الخازندار في حماية الكتب. لم يُريد أن تُحرق النار كل ما أُعِدّ لها. كان يُدرك أن هذه الكتب ليست مجرد أوراقٍ بل هي مُحفوظات مُهمة للأجيال المقبلة.

قرّر الخازندار أن يهرب بالكتب. لم يُكن سيكون بإمكانه إنقاذها كلها، لكن كان على الأقل أن يحفظ بعضاً منها من النار. كانت المدينة تُغرق في الظلام والفوضى. لم يُكن أحدٌ ليرى الخازندار وهو يهرب بالكتب في ظلام الليل.

 

 

أخذ الخازندار بعض الكتب النادرة والأهم من بين الكتب في المكتبة. كان يُختار الكتب بذكاء وحرص فائق. كان يُريد أن يُحفظ تاريخ المدينة وتراثها مهما كلّف الأمر.

خرج الخازندار من المكتبة وهو حامل معه ثقل الكتب. كانت النار تُشتعل في كل مكان، والدخان يُغطّي السماء كأنها تُحاول ابتلاع كل شيء. كان الخازندار يُدرك خطورة مُهمّته وأنّه يُخاطر بحياته.

 

 

بدأ الخازندار يركض في الظلام وهو يُحاول الوصول إلى مكان آمن. كان يُلاحقه العدو وكذلك النار. كانت المدينة تُصبح مجرد خرائب تحت أقدام الخازندار.

لم يُكن الخازندار يهرب من المدينة فقط، بل كان يهرب من مصيرٍ مُرٍّ. كان يهرب من دمار التاريخ والمعرفة. كان يهرب من حرق أحلام المدينة وآمالها.

وبعد ساعاتٍ طوال من الركض والخوف، وصل الخازندار إلى مكان آمن. كان مكاناً مُختبئاً بين الجبال ، وكان أحد الأصدقاء يُنتظره هناك.

وضع الخازندار الكتب في مكانٍ آمن. أخفى الكتب في أحد المغارات ، وغطّى فم المغارة بحجارة كبيرة للحفاظ عليها من العين والسارق.

وبعد أن أكد أنّ الكتب في مكان آمن، خرج الخازندار من المغارة وتوجّه إلى مكانٍ آخر ليُواصل رحلته الصعبة. كان يُريد أن يُصلّح الكتب ويُعيدها إلى مكانها في اليوم المُناسب.

 

 

لم يُكن الخازندار يُدرك أنّ مُهمّته لن تُكلّل بالنجاح. فبعد أن تعرّض لإصابة خطيرة في أثناء فراره، لم يُكن بإمكانه الاستمرار في الرحلة.

كان الجرح يُدمي بشكلٍ خطير، وكانت الحمّى تُعشعش في جسده. لم يُكن الخازندار يُدرك أنّ نهايته قريبة.

ولكنّ الكتب التي حملها ، كانت ستُصبح مُنارةً للمستقبل. كانت ستكون شهادةً على تاريخ المدينة وثقافتها وآمالها.

 

 

توفّي الخازندار قبل ان يصل الى مصر وقبل مقابلة العز ابن عبد السلام.

لم يُكن الخازندار مجرد خازناً للكتب، بل كان حارساً للتاريخ والمعرفة. كان رجلٌ أُعطي المهمة الصعبة لحماية روح المدينة ، و لقد أداها بكل وفاء وشجاعة حتّى آخر لحظة في حياته.


 

 

كانت الكتب تُمثّل صوت الخازندار ، وهو يُنادى من القبر ، ليُذكّر المدينة بما فُقد ، وبما يُمكن أن يُعاد بناؤه.

author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات

    google-playkhamsatmostaqltradent