recent
أخبار ساخنة

الأشجار تمشي في الإسكندرية"... رواية جديدة لعلاء الأسواني تغوص في أعماق الإسكندرية الناصرية

الصفحة الرئيسية

 

الأشجار تمشي في الإسكندرية"... رواية جديدة لعلاء الأسواني تغوص في أعماق الإسكندرية الناصرية

صدرت حديثًا رواية "الأشجار تمشي في الإسكندرية" للكاتب المصري علاء الأسواني عن دار هاشيت أنطوان- نوفل ببيروت. وتعدّ هذه الرواية إضافة جديدة لرصيد الأسواني الغني بالأعمال الأدبية التي حظيت بشهرة واسعة، سواء على الصعيد العربي أو العالمي.


الأشجار تمشي في الإسكندرية"... رواية جديدة لعلاء الأسواني تغوص في أعماق الإسكندرية الناصرية

الأشجار تمشي في الإسكندرية"... رواية جديدة لعلاء الأسواني تغوص في أعماق الإسكندرية الناصرية



 

تُقدم "الأشجار تمشي في الإسكندرية" رحلة مشوقة إلى أجواء مدينة الإسكندرية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، تلك الحقبة الزمنية التي شهدت تحولاتٍ سياسية واجتماعية واقتصادية عميقة في مصر، وتركّز على التأثيرات التي أحدثتها هذه التحولات على مدينة الإسكندرية وخصوصًا على مجتمعها المتنوع والمليء بالثقافات، "الكوزموبوليتاني".

 

 

يُركز الأسواني في روايته على مصائر مجموعة من الأجانب الذين كانوا يملأون الإسكندرية في تلك الفترة، يشكلون نسيجًا متجانسًا مع أهل البلاد. يُسلط الضوء على حياتهم اليومية وعالمهم الهانئ المسالم، ذلك العالم الذي اختفى مع بداية الثورة التي قلبت الموازين: فمنهم من أُممت تجارته، ومنهم من تعرّض للتوجس والمكائد بسبب أصوله الغربية، ومنهم من أصرّ النظام على تجنيده عبر الترغيب والترهيب لخدمته. يُظهر لنا الأسواني الضغوطات والاضطرابات التي تعرّض لها هؤلاء الأجانب بسبب التحولات السياسية، مُبرزًا القلق والتوجس الذي رافق تغير نظام الحكم.

 

 

لا تقتصر الرواية على مصير الأجانب فحسب، بل تُسلط الضوء أيضًا على المصريين أنفسهم، فمنهم من جُرّد من ألقابه ومكانته الاجتماعية بسبب الثورة، وآخرين نكّلت بهم طبقة أثرياء المال والسلطة الجدد، وآخرون آمنوا كثيراً بالثورة والعدالة التي تعد بها، لكنهم تعرضوا لخيباتٍ جسام.

ففي "الأشجار تمشي في الإسكندرية"، يُحيلنا الأسواني إلى السياق الاجتماعي والسياسي للإسكندرية في تلك الحقبة، مستفيدًا من خبرته الواسعة في استكشاف العلاقات المعقدة بين الشخصيات والتاريخ والمكان. يُقدّم لنا صورة واقعية للتغيرات الاجتماعية والتوترات السياسية التي شهدتها الإسكندرية في ذلك العهد، مُسلطًا الضوء على الآثار الاجتماعية والشخصية لتلك التغيرات.

 

 

تتميز "الأشجار تمشي في الإسكندرية" بنسجها السردي المميز، فنجد الأسواني يُستخدم لغةً عربيةً سلسةً وجذابةً تُساعد القارئ على الغوص في أحداث الرواية والولوج إلى عالم الشخصيات. تتداخل القصص الشخصية مع الحدث التاريخي العام في توافقٍ جميلٍ يُخلق تجربة قراءة مشوقة.

إضافةً إلى ذلك، يُقدم الأسواني في هذه الرواية مشهدًا جماليًا لإسكندرية التاريخية، مُعرّفًا بمعالمها وثقافتها الشعبية وإرثها المعقد. تُصبح الإسكندرية في روايته مكانًا ذو هوية قوية، مُعبّرًا عن تاريخها وذاكرتها الشعبية في مزيجٍ جماليٍّ يُثير الفضول والأحاسيس.

وُجد في الرواية من الشخصيات من يُمثل طبقة المثقفين والفنّانين، مُظهراً بُعدًا مُهمًا من أبعاد الرواية، وهو التفاعل بين الفن والثورة ومُجريات الأحداث. تُظهر لنا الرواية كيف تأثرت العالم الفني في الإسكندرية بالثورة، وكيف استجاب الفنانون لتلك التغييرات. يُقدم الأسواني وجهة نظر مُهمة حول دور الفنّان في المجتمع في ظل التغييرات السياسية والاجتماعية الكبيرة.

 

 

ومن أجواء الرواية الجديدة نقرأ:

"- هل سمعت عن زرقاء اليمامة؟"

"- لا."

"- زرقاء اليمامة امرأة عربيّة عاشت قديماً، كانت معروفة بقوّة بصر خارقة، وكانت قبيلتها تستعملها لاستطلاع تحرّكات الأعداء. بفضل بصرها الخارق كانت تكشف تحرّكات الأعداء مبكراً مما جعل قومها ينتصرون في كلّ حروبهم. وذات يومٍ استطلعت زرقاء اليمامة الطريق وقالت لقومها: «إني أرى الأشجار تمشي»."

"فلم يصدّقها أحد. سخر الناس منها واتّهموها بأنّها كبرت وخرّفت ثمّ تبيّن بعد ذلك أنّ الأعداء غطّوا أنفسهم بغصون الأشجار وهجموا على قومها وهزموهم وكانوا يستحقّون الهزيمة لأنّهم لم يصدّقوا زرقاء اليمامة. الفنّان مثل زرقاء اليمامة، يبصر دائماً قبل الآخرين."

"ابتسمت ليدا وقالت: "

"- وأنت ماذا ترى الآن أيّها الفنّان؟"

"قلت: "

 

 

"- الأشجار تمشي في الإسكندريّة..."

تُعتبر "الأشجار تمشي في الإسكندرية" رواية غنية بالأحداث والشخصيات التي تُجسّد واقع الإسكندرية في عهد عبد الناصر. تُقدم الرواية وجهة نظر مُهمة حول التاريخ المصري من خلال تجارب الشخصيات المُختلفة. يُمكن للقارئ أن يُلاحظ مهارة الأسواني في التعامل مع المكان كفضاء روائي تنطلق منه الشخوص وتواجه صراعاتها مع أقدراها ومفارقات الواقع.

 

 

يُمكن القول إنّ "الأشجار تمشي في الإسكندرية" هي إضافة مُهمة لرصيد الأسواني الروائي، تُؤكد موهبته في التاريخ والثقافة المصرية من خلال لغة سلسة وإيقاع سردي مشوق.

وتُعتبر "الأشجار تمشي في الإسكندرية" فرصة للقارئ للتعرف على تاريخ الإسكندرية في فترة مُهمة من التاريخ المصري، والتعرف على الآثار الاجتماعية والثقافية للثورة الناصرية على مجتمع الإسكندرية المُتنوع والمليء بالثقافات.


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات

    google-playkhamsatmostaqltradent