## "كلُ الألعاب للتسلية": رحلةٌ
في متاهات اللعب والملل
**فتح أبواب ألعاب غامضة**
يأخذنا الروائي المصري عبد الرحيم كمال في رحلةٍ
غامضةٍ داخل "كلُ الألعاب للتسلية"، روايته الجديدة الصادرة عن دار
العين للنشر بالقاهرة. تُفتح أبوابُ غرفِ ألعابٍ قديمةٍ، تُرفع أغطية صناديقٍ
مغلقةٍ، لتُسلط الروايةُ الضوءَ على جذور الملل والخواء الذي يُصيب الإنسان، في
عالمٍ يزدحم فيه اللعب بأشكاله المتنوعة.
## "كلُ الألعاب للتسلية": رحلةٌ في متاهات اللعب والملل
**الكتابة: لعبة بلا رابح**
يُقدم لنا كمال، منذ بداية الرواية، صورةً لـ"الكتّاب"
كـ"الأشرار الطيبين" في العالم، الذين أطلقوا أنفسهم في رحلةٍ نحو ملعبٍ
واسعٍ، هو ملعب الكتابة، حيث يُحاولون الهروب من الموت والتغلّب على زوالِ ذواتهم
عبر حيلةِ "الخلودِ" التي تمنحها لهم الكلماتُ. فمع اختراعِ الكتابة،
بدأت "لعبةُ" جديدةٌ تشق طريقها، لعبة بلا رابحٍ أو خاسرٍ، تسعى لتحقيق
التسلية والمتعة، لكنها تسليةٌ لا تخلو من ألم.
**لعبةٌ عبثيةٌ**
تُصبح "اللعبة" هي المحورَ المركزيَ
في سياقِ الرواية. يُجد كاتبُ روائيّ شهيرٌ يُدعى "حازم صفوت" نفسه
مُحتجزاً في مكانٍ مجهولٍ تحت سيطرةِ رجلٍ يعمل في جهةٍ أمنيةٍ اسمه "سامر بك
الشرقاوي". يفرض "سامر بك" شروطاً غريبةً على "حازم" مقابل
إطلاق سراحه: كتابة أولى رواياته، رواية يكون هو مؤلفها وبطلها ومحورها.
**صراعٌ بين مُحترفٍ ومُراوغ**
تتحول هذه الشرطُ إلى لعبةٍ عبثيةٍ، يشارك فيها "حازم"
كلاعبٍ موهوبٍ مُحترفٍ منزوعِ الحرية، بينما يتحول "سامر بك" إلى
مُراوغٍ وصاحبِ سلطةٍ، مُهووسٌ بأفكارِ الألعابِ وذاكرةِ طفولتهِ. يُظهر لنا كمال "سامر
بك" كشخصيةٍ ذات تناقضاتٍ غريبةٍ: يُحافظ على غرفةِ ألعابٍ في منزلهِ، ويقضي
وقتاً طويلاً في اللعبِ بها، مُستغرقاً في عالمِ القطارِ اللعبةِ وفخامةِ ألعابِ
طفولتهِ، بينما يظهر للآخرين كرجلٍ سلطويٍّ قاسٍ، مُسيطرٍ على حياةِ "حازم"
بشكلٍ كاملٍ.
**توقيعُ السجّان**
يُلقي كمال بطله "حازم صفوت" في مأزقٍ
مكانيٍ ونفسيٍّ صعبٍ. يُحاصر "حازم" داخلَ ممراتٍ طويلةٍ وغرفٍ مُظلمةٍ،
معصوبَ العينين، ومُراقبٍ بكاميراتٍ تطلُّ عليهِ من كلِّ مكانٍ. تتناغم تلكَ
التعقيداتُ المكانيةُ مع عمليةِ الكتابةِ التي يُفرضُ عليها "حازم" أن
تُنجز، مُحاطاً بضغطٍ نفسيٍ كبيرٍ.
**تسليةٌ داميةٌ**
يُصبح "حازم" مُلزماً بكتابةِ روايةٍ
عن "سامر بك الشرقاوي" بتوقيعِهِ، وتحت إشرافِهِ، مع شرطٍ أساسيٍ: يجب
أن تكون الروايةُ شيقةً ومُمتعةً. يُقدمُ كمالُ سرداً دقيقاً للعبةِ التي تُلعبُ
بين "حازم" و"سامر بك". يُحاول "حازم" مراوغةَ
سيرةِ "سامر بك" الذاتية، وتحويلَ شخصيتهِ الأمنيةِ الجافةِ إلى شخصيةٍ
روائيةٍ، مُستفيداً من مخيلتهِ لتجسيدِ صراعاتهِ الداخليةِ، وتشكيلِ ندوبِ طفولتهِ.
**الترند: لعبةٌ شعبيةٌ**
يُقدمُ كمالُ سلسلةً من الفصولِ التي تُسلط
الضوءَ على تطورِ "ألعاب" البشرِ عبرَ التاريخ، بدءاً من حلباتِ الملوكِ
المُصممةِ لتزجيةِ المللِ، مرورًا بـ"ألعاب" القتلِ التي يتمّ فيها
إرسالُ العبيدِ لمواجهةِ الأسودِ، ووصولاً إلى "ألعاب" العصرِ الحديثِ،
التي تُلعبُ بالأسلحةِ النوويةِ، والتي تُفني أعداداً هائلةً من البشرِ.
**لعبةٌ مسرحيةٌ**
يُصعدُ كمالُ من مستوى "اللعبة" مع
اقترابِ نهايةِ الرواية. ينضمّ إلى "حازم" مجموعةٌ من الأشخاصِ
الموهوبين، مثل لاعبِ كرةٍ شهيرٍ، وممثلِ كوميديٍ، يُلقونَ في "سجن" السلطةِ
دونَ معرفةِ السببِ. يتحولُ السردُ إلى لعبةٍ مسرحيةٍ، تُجتمعُ فيها شخصياتٌ
مختلفةٌ في مكانٍ مغلقٍ، لِتُراجعَ حياتها، وتسألَ عن جدوىِ موهبتها، وتنتظرَ
الموتَ.
**العالم: مسرحٌ للعب**
يُدخلُ كمالُ الرأيَ العامَ كطرفٍ في "اللعبة".
تُثيرُ قضيةُ اختفاءِ الشخصياتِ العامةِ فضولَ الجمهورِ، ويُصبحُ على "حازم"
اختراعُ قصةٍ تُفسّرُ للرأيِ العامِ سببَ اختفائهم، دونَ توريطِ السلطةِ. تُصبحُ "اللعبة"
الرقميةُ أكثرَ شعبيةً، حيث يلعبُ الناسُ لعبةَ "الاستغماية" مع الأملِ
والانتظارِ.
**إجمالاً، تُقدمُ "كلُ الألعاب للتسلية"
رحلةً متشابكةً في متاهاتِ اللعبِ والمللِ. تُسلط الروايةُ الضوءَ على الألعابِ
كوسيلةٍ للتسليةِ والهروبِ من الواقعِ، لكنها تُشيرُ أيضاً إلى خطورةِ تلكَ
الألعابِ عندما تُصبحُ غايةً بذاتها، وتُؤدي إلى التشتتِ والخواءِ**.
**نقاطٌ إضافيةٌ**:
* يُعتبرُ أسلوبُ كمالِ السرديّ مُميزاً،
ويُتميزُ بقدرتهِ على إشراكِ القارئِ في "اللعبة" التي يُقدمها.
* تُثيرُ الروايةُ العديدَ من الأسئلةِ حولَ
طبيعةِ اللعبِ والسلطةِ والواقعِ.
* تُعدّ "كلُ الألعاب للتسلية" روايةً
ذات قيمةٍ أدبيةٍ عاليةٍ، وتُناسبُ جميعَ عشاقِ القراءةِ.
**ختاماً، تُعدّ "كلُ الألعاب للتسلية"
روايةً مُمتعةً ومُثيرةً للتفكيرِ. تُقدمُ الروايةُ نظرةً فريدةً على عالمِ
اللعبِ، وكيفيةِ تحولهِ إلى عبءٍ ثقيلٍ على الإنسانِ**.