recent
أخبار ساخنة

قبل أن تبرد القهوة – الجزء الرابع: رحلة إلى الماضي، رحلة إلى القلب

الصفحة الرئيسية

 

قبل أن تبرد القهوة – الجزء الرابع: رحلة إلى الماضي، رحلة إلى القلب

قبل أن تبرد القهوةقبل أن تبرد القهوة، سلسلة الروايات التي حظيت بشعبية واسعة، تعود في جزءها الرابع بكتاب "قبل أن نقول وداعاً"، مُترجم عن اليابانية، ليُجيب عن ذلك السؤال القديم الذي راودنا جميعاً: ماذا لو استطعنا السفر إلى الماضي؟ والأهم من ذلك، من نودّ أن نلتقي به للمرة الأخيرة؟


قبل أن تبرد القهوة – الجزء الرابع: رحلة إلى الماضي، رحلة إلى القلب

قبل أن تبرد القهوة – الجزء الرابع: رحلة إلى الماضي، رحلة إلى القلب




 

سؤالٌ يداعب مخيلتنا، ويُغري مشاعرنا، ليُلقي علينا بظلال من الشوق والحنين، وربما الشعور بالندم، فالجميع يملك زاويةً خفيةً في قلبه تتوقُ للعودة إلى زمنٍ سابقٍ، لتصحيح خطأ، لتقديم اعتذارٍ، أو فقط لِمُجردِ التَمتُّعِ بحضرةِ أحدهمِ مرةً أخرى

 

.

في سياقٍ ساحرٍ، يُقدم لنا كتاب "قبل أن نقول وداعاً" مُقْهَى فونيكولا السحري، الذي يُتيح لروّاده الاستمتاع بهذه الفرصة الاستثنائية، السفر عبر الزمن، لِتَجْرِبَةٍ مُغْرِيةٍ، لكنها مُخْتَلِفةٌ تماماً عن أفلام الخيال العلمي.

فمقهى فونيكولا ليس مجرد آلة زمنٍ عادية، بل هو بوابةٌ إلى قلبٍ يشتاق للعودة إلى لحظةٍ محدّدةٍ في الزمن، ليلقي نظرةً أخيرةً على أحدِ ذويهم، أو يُصححُ خطأً ظلّ يُطاردهُ، أو يُعبر عن مشاعرهِ التي فَشِلَ في التعبير عنها في الماضي

 

.

تُصبح رحلة الوقت في مقهى فونيكولا حملَ تَجْرِبَةٍ قويةٍ، مُلْتَبِسةً بِمَشاعِرٍ مُتَضَارِبَةٍ، من الحُبّ والشوقِ إلى الندمِ وَالخوفِ مِن تَغْيِيرِ المَصِيرِ.

فليس كلّ من يدخلُ مقهى فونيكولا يجازَ بِالتَجْرِبَةِ الناجحةِ. فالمقهى له قواعدهُ الصارمةُ، لا يمكنُ لِأيّ نفسٍ أن تُسافِر إلى الماضي إلا بِالشروطِ التّاليَةِ:

أولاً: يجب أن يكون الزائرُ قد زَارَ المقهى سَابِقاً، كَأَنَّهُ يُسَلّطُ الضوءَ على الذكرياتِ المُشْتَرَكَةِ بين الزائرِ وَالمَكانِ، لِتُعَدّ هِيَ أساساً لِتَجْرِبَةِ السّفَرِ

 

.

ثانياً: يَجِبُ على الزائرِ أن يُعِيدَ إلى الَحاضِرِ قبلَ أن تَبرُدَ القهوةُ. فالزمنُ في المقهى مُقَيدٌ بِمُدّةِ زَمنٍ محدّدةٍ، وَتَجْرِبَةُ السّفَرِ مُصِيرُها إلى الزّوالِ بِتَبرّدِ القهوةِ.

مع كلّ زائرٍ جديدٍ يَدْخُلُ مقهى فونيكولا، يُرَكّزُ الكاتبُ على قصّةٍ جديدةٍ لِأشخاصٍ يُريدون تَجْرِبَةَ السّفَرِ إلى الماضي، وَلكُلٍّ مِنْهُم هدفَهُ الخاصّ:

 

 

في الجزء الرابع مِن الكتابِ، نُلاقِي مجموعةً جديدةً مِن الروّادِ، كُلٌّ مِنْهُم يُحَمّلُ رغبةً مُتَشَابِهَةً لِتَصحيحِ ماضيِهِ:

زوجٌ يُريدُ أن يقول شيئاً مهماً لِزوجتِهِ التي دَخَلَت في غيبوبةٍ. في قلبِهِ شوقٌ لِتَكْرِارِ كلماتِهِ الأخيرةِ لِحُبّ حَيَاتِهِ، في أملٍ ضَئِيلٍ لِتَغْيِيرِ المَصِيرِ.

امرأةٌ تُريدُ أن تُوَدّعَ حَيَوانَها الأليفَ. فَقَدَانُ رفيقٍ صاحبٍ لِحَيَاتٍ طِوِيلَةٍ مُؤْلِمٌ، وَتَسعى الامرأة إلى تَجْرِبَةِ الوداعِ المُشْتَاقَةِ إلى روحِهِ.

شابةٌ لَم تَسْتَطِع الردّ على عَرضِ زَواجٍ. حَسَرةٌ وَتَرددٌ يُلاحِقانِ الشابةَ، وَتَسْعى إلى إعادَةِ تَجْرِبَةِ اللحظةِ الَحَاسِمَةِ لِتَقْرِيرِ مَصِيرِها.

ابنةٌ أساءَت التصرفَ مَع والدِهَا وَأرادَت أن تَقولَ لَهُ آسفة. رغبةٌ قويةٌ في تَصْحيحِ خَطَأٍ ماضيٍّ، لِتَجْنِبِ الندمِ وَالتّأنيبِ الذّاتِيّ.

 

 

 

 

 

 

كلّ قصةٍ من هذِهِ القصصِ تُعَدّ دَليلًا على قوةِ العَطَفِ وَالتّعاطفِ الذّي يَكمنُ في قلبِ الإنسانِ، فكلٌّ مِنْهُم يُحَمّلُ رغبةً لِتَصحيحِ ماضيِهِ، أو لِتَجْنِبِ الندمِ الذي يُؤرقُ أحلامَهُ.

يُقدم الكاتبُ توشيكازو كواغوشي في هذا الكتابِ الصّادِقِ وَالمُؤثرِ سِلسِلةً مِن القصصِ المُتَشابِهَةِ، لكنّها مُتَنوّعةٌ في تفاصيلِها، تُظهِرُ لَنَا الجانبَ الإنسانيّ الذي يَكمنُ داخلَ كلّ مِنْنَا

 

.

كلّ قصةٍ تُمثّلُ قَدْرًا مِن الندمِ والحزنِ وَالرّغبةِ في التّصحيحِ، لكنّها تُعَدّ دَليلًا على قوةِ الروحِ البَشَرِيّةِ وَقُدرَتِها على تَجَاوُزِ المُعَانَاةِ وَالوصولِ إلى نقطةٍ مِن الرضَا والسكينةِ.

"قبل أن نقول وداعاً" ليس مجرد كتابٍ يُناقشُ موضوعَ السّفَرِ إلى الماضي، بل هو رحلةٌ إلى أعماقِ الذاتِ، ليُرِينا أنّ الحياةَ مُلْتَبِسةٌ بِالذكرياتِ وَالأحلامِ وَالنّدمِ، وَأنّ العَطَفَ وَالتّعاطفَ مع أنفسِنا وَمع أَحِبّائِنَا مِن أهمّ الوسائلِ لِتَجَاوُزِ مُشاعِرِ الندمِ وَالتّحوّلِ إلى حياةٍ أكثرَ سَلاماً وَسعادةً..

author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات

    google-playkhamsatmostaqltradent