كين موجي هو عالم أعصاب
ياباني بارز ومؤلف للعديد من الكتب الأكثر مبيعاً، منها كتابه الشهير عن فلسفة الـ
"إيكيجاي". بفضل خلفيته العلمية، لا يقدم موجي نصائح "تنمية بشرية"
سطحية، بل يربط السلوك البشري بكيفية عمل المسارات العصبية في الدماغ، مما يجعل
كتابه "عقلية جلب الحظ" دليلاً عملياً مدعوماً بالعلم.
الحظ من منظور علم الأعصاب هل هو حقيقة أم خيال؟
يوضح كين موجي أن ما نسميه
"حظاً" هو في الواقع نتيجة لـ "المرونة العصبية" وقدرة
الدماغ على معالجة المعلومات المحيطة بفعالية. الدماغ البشري يحتوي على ما يُعرف
بـ نظام التنشيط الشبكي (RAS)، وهو المسؤول عن فلترة الملايين من المحفزات التي
نتلقاها يومياً.
- عندما تمتلك "عقلية
الحظ"، فإنك تبرمج هذا النظام للتركيز على الفرص التي تتوافق مع أهدافك. بعبارة
أخرى، الفرص موجودة دائماً حولنا، لكن "المحظوظ" هو من يمتلك عقلاً
مدرباً على رؤيتها واقتناصها.
العادات
العشر الذهبية لبرمجة العقل على جلب الحظ
يقدم الكتاب عشر عادات
جوهرية، إذا التزم بها الشخص، يمكنه تغيير واقعه بشكل جذري:
1. الفضول المعرفي
والانفتاح على التجارب
المحظوظون هم أشخاص
فضوليون بطبعهم. الانفتاح على تعلم أشياء جديدة، أو التحدث إلى غرباء، أو سلك طريق
مختلف للعمل، يوسع دائرة "الصدف الإيجابية". العقل المنغلق يرى مساراً
واحداً، بينما العقل الفضولي يرى مئات الأبواب المفتوحة.
2. سرعة الاستجابة (الفعل
قبل التفكير الزائد)
يشير موجي إلى أن "نافذة
الفرصة" غالباً ما تكون ضيقة. المحظوظون يتميزون بالقدرة على اتخاذ القرار والتحرك
بسرعة. التردد والتحليل المفرط
(Analysis Paralysis) هما أكبر أعداء الحظ، لأن الفرص لا
تنتظر المترددين.
3. تقبل الفشل كبيانات
تعليمية
في علم الأعصاب، التعلم
يحدث من خلال التجربة والخطأ. الأشخاص الذين نعتبرهم "محظوظين" هم في
الحقيقة أكثر الناس تعرضاً للفشل، لكنهم يمتلكون مرونة نفسية تجعلهم يستخلصون
الدروس ويستمرون، مما يزيد من احتمالية اصطدامهم بالنجاح في المحاولة التالية.
4. بناء الجاذبية
الاجتماعية (Social Magnetism)
الحظ يأتي غالباً من خلال
الناس. يركز الكتاب على أن تصبح شخصاً "يرغب الآخرون في مساعدته". الكرم،
الابتسامة، والقدرة على بناء شبكة علاقات قوية تخلق تدفقاً مستمراً من المعلومات
والفرص التي لن تصل إليك وأنت تعيش في عزلة.
5. قوة الملاحظة واليقظة
الذهنية (Mindfulness)
الحظ يختبئ في التفاصيل. تدريب
العقل على الحضور في اللحظة الحالية
(Mindfulness) يساعدك على رؤية تلك "الإشارات
الصغيرة" التي قد تكون بداية لمشروع ضخم أو تحول كبير في حياتك.
6. التفاؤل الواقعي وتوقع
الأفضل
عندما يتوقع العقل نتيجة
إيجابية، فإنه يفرز هرمونات تساعد على التركيز والإبداع. هذا ليس مجرد تمني، بل هو
وضع الدماغ في "حالة تأهب" للبحث عن الحلول بدلاً من الانغماس في
المشكلات.
7. فلسفة العطاء والكرم
غير المشروط
يؤكد موجي أن تقديم العون
للآخرين يولد ما يسمى "بالحظ الارتدادي". عندما تعطي، فإنك تبني سمعة
طيبة وتخلق ديوناً معنوية لدى العالم، وغالباً ما يعود إليك هذا الخير في شكل فرص
غير متوقعة في وقت حاجتك.
8. المرونة والتكيف مع
المتغيرات
العقل الصلب ينكسر أمام
الأزمات، أما العقل المرن فيتحول مع الأزمة ليجد فيها فرصة. تغيير الخطط بمرونة
عند ظهور معطيات جديدة هو سمة أساسية في عقلية المحظوظين.
9. الثقة بالحدس (Intuition)
الحدس ليس شعوراً غيبياً،
بل هو نتيجة معالجة العقل الباطن لآلاف التجارب السابقة في أجزاء من الثانية. كين
موجي ينصح بالاستماع لهذا الصوت الداخلي، خاصة عندما يتعلق الأمر بتقييم الناس أو
الفرص السريعة.
10. الامتنان كمنصة
للانطلاق
الامتنان يغير كيمياء
الدماغ، حيث يقلل من مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر). العقل المسترخي والممتن
هو أكثر قدرة على التفكير الإبداعي واجتذاب الطاقات الإيجابية من المحيطين به.
مفهوم السرنديبية (Serendipity) وكيف نصنعها؟
من أجمل المفاهيم التي
تناولها الكتاب هو
"السرنديبية"، وهي اكتشاف أشياء سعيدة بالصدفة بينما نبحث عن
شيء آخر. يوضح كين موجي أننا لا نستطيع التحكم في الصدفة، لكننا نستطيع زيادة "مساحة
السطح" المعرضة للحظ في حياتنا من خلال التحرك المستمر والتفاعل مع العالم.
كيف تصبح مغناطيساً للنجاح؟
لتحويل حياتك باستخدام
مبادئ هذا الكتاب، عليك اتباع الخطوات التالية:
- غير بيئتك:
خالط الأشخاص الإيجابيين والمبدعين.
- جرب شيئاً جديداً كل أسبوع: اكسر الروتين لتنشيط
مسارات عصبية جديدة.
- دون ملاحظاتك:
سجل الفرص الصغيرة التي تظهر لك يومياً لتعزيز وعي
دماغك بها.
الخلاصة:
الحظ يبدأ من الداخل
كتاب "عقلية جلب الحظ" لكين
موجي هو أكثر من مجرد كتاب نصائح؛ إنه ماني manifesto لتغيير الطريقة التي ندرك بها
العالم. الرسالة الأساسية هي: "الحظ ليس شيئاً يحدث
لك، بل هو شيء تصنعه أنت بطريقة تفكيرك وردود أفعالك".
بمجرد أن تدرك أن عقلك هو
الأداة الأقوى لتشكيل واقعك، ستتوقف عن انتظار المعجزات وتبدأ في خلقها. إن تبني "عقلية
الحظ" هو استثمار طويل الأمد في صحتك العقلية ونجاحك المهني والشخصي.