قلب العنكبوت» لمعن عبد الرحمن العداسي
تشريح معمق لشخصيات
المساحة الرمادية في عالم المال والسياسة
صدرت حديثاً رواية «قلب العنكبوت» للأديب معن عبد الرحمن العداسي عن دار «الآن ناشرون وموزعون» في الأردن. العمل، الذي
يمتد على 530 صفحة من القطع المتوسط، يُعدّ إضافة نوعية للمكتبة العربية، مقدماً
سرداً حركياً مُكثفاً في عالم متأرجح بين النجاح الأخلاقي والانحراف البراغماتي.
 |
| قلب العنكبوت» لمعن عبد الرحمن العداسي: تشريح معمق لشخصيات المساحة الرمادية في عالم المال والسياسة |
قلب العنكبوت» لمعن عبد الرحمن العداسي: تشريح معمق لشخصيات المساحة الرمادية في عالم المال والسياسة
الرؤية السردية والأسلوب الفني للرواية
تبنّى العداسي في روايته منهجاً يعتمد على أسلوب اللقطة السينمائية، حيث تتوالى الأحداث
عبر 150 مشهداً درامياً. وقد برّر الكاتب اختياره
المتعمد للهجة المصرية في المقدمة، مؤكداً أن العمل هو عمل حركي بامتياز، ولا يمكن فصل الصورة عن
السرد الذي يوثق تنامي الأحداث.
تدور أحداث الرواية في عالم "واقعي جداً
يتقاطع فيه المال والدواء والسياسات السرية ونفوذ العصابات والانتهازية المقنّعة. إنها محاولة
لاقتحام وكشف المنطق الداخلي لما يجري "خلف الكواليس" في شبكات المصالح
المعقدة.
سامي عبد الحميد: رجل الصفقات في المساحة الرمادية
تتمحور الحبكة حول الشخصية المحورية، رجل الأعمال سامي عبد الحميد، الذي يُقدمه الروائي في المشهد الافتتاحي (في
السودان) كعبقري في التفاوض وإتمام صفقات بملايين الدولارات.
التحليل النفسي للشخصية
يحرص العداسي على رسم سامي كـ "صورة مركّبة"؛ ليس ملاكاً ولا
شيطاناً، بل رجل "براغماتي" يرى العالم كسلسلة من الصفقات. يتجذر دافعه
في إرث من الغضب، نابع من خسارة والده كل شيء في عصر التأميم، مما خلق لديه قناعة
بأن قوانين العدالة الاجتماعية تعاقب الناجحين بدلاً من حمايتهم.
الرواية تُشخّص صراع سامي الداخلي
بين التفوق المهني والانحراف الأخلاقي. فهو يبرع في هندسة
الصفقات المعقدة، لكنه لا يتورع عن استخدام أدوات "قانونية الشكل مشبوهة
الجوهر"، مما يجعله تجسيداً للشخصية التي تعيش في المنطقة الفاصلة بين الضمير
والنجاح.
«قلب العنكبوت» شبكة العلاقات المتشابكة
إن عنوان الرواية، «قلب العنكبوت»، يرمز إلى الشبكة المعقدة من العلاقات المتشابكة – سياسية،
اقتصادية، وأخلاقية – التي يحاول الكاتب فك خيوطها. الرواية تبتعد عن التبسيط
الأخلاقي، إذ لا تقدم شخصيات أنقياء أو أشراراً مطلقين، بل شخصيات متعددة الأبعاد
تُصارع بين المبدأ والمنفعة، لتؤكد أن الصراع الحقيقي يكمن في "المساحة الرمادية"
التي يعيش فيها غالبية البشر.
الختام
تُعتبر رواية «قلب العنكبوت» قراءة ضرورية لكل مهتم بأدب العوالم الخفية
وتحليل عمق الشخصيات في ظل التحولات الاقتصادية والسياسية المعاصرة.