الشاعر أيمن اللبدي

 

رواية العشيق الفلسطيني: هل عاشت غولدا مائير قصة حب سرية مع أرستقراطي عربي؟

بقلم: [تامر نبيل]

تعد رواية العشيق الفلسطيني للكاتب والصحفي سليم نصيب واحدة من الأعمال الأدبية الجريئة التي تمزج بين التاريخ والفرضيات الدرامية المثيرة. تطرح الرواية سؤالاً جدلياً: هل عاشت الزعيمة الصهيونية غولدا مائير علاقة عاطفية مع رجل فلسطيني قبل تأسيس دولة إسرائيل؟

رواية العشيق الفلسطيني: هل عاشت غولدا مائير قصة حب سرية مع أرستقراطي عربي؟

رواية العشيق الفلسطيني: هل عاشت غولدا مائير قصة حب سرية مع أرستقراطي عربي؟

• في هذه المراجعة، نستعرض أحداث الرواية، وسياقها التاريخي، والتقنيات السردية التي استخدمها الكاتب لرسم ملامح تلك الحقبة الحاسمة.

فرضية الرواية بين الحقيقة والإشاعة

يستند سليم نصيب في روايته إلى إشاعات انتشرت في لبنان خلال ثلاثينيات القرن الماضي، تتحدث عن علاقة غامضة جمعت بين ألبرت فرعون، وهو أرستقراطي فلسطيني ثري، وبين غولدا مائير، المرأة الحديدية في الحركة الصهيونية.

1. يتعامل المؤلف مع هذه المادة التاريخية والشفهية بأسلوب "أحجية الصور المقطعة" (Jigsaw)، حيث يعيد ترتيب الحقائق والشائعات ليشكل صورة بانورامية لفلسطين تحت الانتداب البريطاني. وعلى الرغم من أن المصادر الإسرائيلية لم تؤكد هذه العلاقة، إلا أن كُتّاب سيرة غولدا أشاروا إلى خوضها علاقات جانبية بسبب فتور علاقتها بزوجها موريس ميرسون.

الشخصيات المحورية لقاء الأضداد

تركز الرواية على قطبين متناقضين جمعتهما الصدفة والعاطفة وفرقتهما السياسة:

1. ألبرت فرعون: مصرفي فلسطيني يعيش حياة أرستقراطية، يترك حياة البذخ والتصنع في بيروت وزوجته آيرين لينتقل إلى منزل منعزل يطل على البحر في حيفا، بحثاً عن معنى حقيقي لحياته بعيداً عن النفاق الاجتماعي.
2. غولدا مائير: شابة مفعمة بالحماس الأيديولوجي، تركت حياة الكيبوتز" القاسية وانتقلت إلى تل أبيب والقدس. تسعى لتحقيق حلم الوطن القومي لليهود متأثرة بخطابات القادة الصهاينة مثل زلمان شازار، وترى في حائط المبكى رمزاً حياً يربطها بالأرض الموعودة رغم عدم إيمانها الديني العميق.

الحبكة العشق في زمن الصراع

تتصاعد الأحداث حين يلتقي الطرفان في حفل للمندوب السامي البريطاني بالقدس. تنشأ بينهما "كيمياء" فورية؛ إذ رأت غولدا في ألبرت ملامح حبيبها الأول الذي غرق في أميركا، بينما وجد ألبرت فيها امرأة حقيقية بعيدة عن تصنع نساء طبقته.

• تصف الرواية هذه العلاقة بأنها علاقة حميمية سرية جمعت بين خصمين سياسيين؛ فهي علاقة حسية وروحية شكّلت المغناطيس الذي يجذب القارئ، وتجري أحداثها بالتوازي مع تصاعد العنف على الأرض بين العرب واليهود.

السياق التاريخي ما وراء الرومانسية

لا تكتفي الرواية بالجانب العاطفي، بل تقدم شهادة تاريخية مكثفة عن فلسطين ما قبل عام 1948 (النكبة)، مسلطة الضوء على:

• الصراع الداخلي: الفروقات بين الزعامات الفلسطينية التقليدية (عائلتي الحسيني والنشاشيبي) والتنظيم الدقيق للوكالة اليهودية والهستدروت.
• أحداث العنف: تتطرق الرواية لأحداث مفصلية مثل ثورة البراق وأحداث الخليل عام 1929، وموجات الهجرة اليهودية، خاصة القادمة من ألمانيا بعد صعود هتلر، وتأثيرها على الديموغرافيا في فلسطين.
• الدور البريطاني: تصوير دقيق لفترة الانتداب وكيفية إدارة الصراع من قبل المندوب السامي.

أسلوب السرد والتقنيات الأدبية

تميزت رواية سليم نصيب (التي صدرت نسختها الإنجليزية عام 2007) بأسلوب أدبي خاص:

• استخدام الفعل المضارع: اعتمد الكاتب زمن المضارع في السرد ليمنح النص طابعاً سينمائياً (سيناريو)، مما يجعل القارئ يشعر براهنية الأحداث وحيويتها.
• الحوار كأداة توثيق: تجنب الكاتب السرد التاريخي المباشر واستعاض عنه بالحوارات بين الشخصيات لنقل الأحداث السياسية. ورغم أن هذا الأسلوب قد يثقل النص أحياناً بالتنظير، إلا أنه نجح في تقديم وجهات نظر متعددة.

خلاصة المراجعة

رواية العشيق الفلسطيني ليست مجرد قصة حب متخيلة، بل هي وثيقة أدبية تحاول تقديم قراءة محايدة لفترة حرجة من تاريخ الشرق الأوسط. قد تكون قصة العشق بين غولدا وألبرت حلماً بعيد المنال تاريخياً، لكنها كانت المدخل الذكي الذي استخدمه سليم نصيب ليأخذ القارئ إلى قلب الصراع، مقدماً تراجيديا إنسانية وسياسية بامتياز.