recent
أخبار ساخنة

لوريل وهاردي: أسطورة الفوضى الجميلة التي قهرت الكساد وأضحكت العالم

الصفحة الرئيسية

 

لوريل وهاردي: أسطورة الفوضى الجميلة التي قهرت الكساد وأضحكت العالم

مقدمة:

لم يكن لوريل وهاردي (Laurel and Hardy) مجرد ممثلين يؤديان حركات مضحكة أمام الكاميرا، بل كانا ظاهرة فنية فريدة أعادت صياغة مفهوم الكوميديا في تاريخ السينما العالمية. في كتاب جديد للناقد أحمد الجهيني بعنوان "لوريل وهاردي"، الصادر عن سلسلة "آفاق السينما"، نغوص في أعماق هذا الثنائي الذي حول "الفوضى" إلى فن، واستطاع أن يلمس الطفل الداخلي في كل مشاهد حول العالم.

في هذا المقال، نستعرض أسرار نجاح الثنائي المرح، وفلسفتهما الخاصة في الضحك، وكيف استطاعا النجاة والازدهار في أحلك الظروف الاقتصادية التي مرت بها البشرية.

مقدمة: لم يكن لوريل وهاردي (Laurel and Hardy) مجرد ممثلين يؤديان حركات مضحكة أمام الكاميرا، بل كانا ظاهرة فنية فريدة أعادت صياغة مفهوم الكوميديا في تاريخ السينما العالمية. في كتاب جديد للناقد أحمد الجهيني بعنوان "لوريل وهاردي"، الصادر عن سلسلة "آفاق السينما"، نغوص في أعماق هذا الثنائي الذي حول "الفوضى" إلى فن، واستطاع أن يلمس الطفل الداخلي في كل مشاهد حول العالم. في هذا المقال، نستعرض أسرار نجاح الثنائي المرح، وفلسفتهما الخاصة في الضحك، وكيف استطاعا النجاة والازدهار في أحلك الظروف الاقتصادية التي مرت بها البشرية.
لوريل وهاردي: أسطورة الفوضى الجميلة التي قهرت الكساد وأضحكت العالم


لوريل وهاردي: أسطورة الفوضى الجميلة التي قهرت الكساد وأضحكت العالم


1. فلسفة الفوضى الجميلة سر الخلود الفني

يصنف النقاد أعمال ستان لوريل وأوليفر هاردي ضمن ما يعرف بـ "كوميديا التهريج" (Slapstick)، وهو نوع يعتمد على المبالغة الحركية والعنف الكوميدي غير المؤذي. لكن السر وراء عبقريتهما يكمن فيما أسماه الناقد أحمد الجهيني الفوضى الجميلة

تعتمد هذه الفلسفة على ركائز أساسية جعلتهما قريبين من الجمهور

  • براءة الأطفال: يظهر الثنائي كطفلين كبيرين في جسدي رجلين؛ لوريل بفضوله الساذج الذي يدفعه لضغط زر "لا تضغط"، وهاردي بغطرسته المصطنعة التي تنهار عند أول اختبار.
  • تحويل البسيط إلى كارثة: تبدأ قصصهما بمشكلة تافهة، ولكن بسبب الحماقة وسوء التصرف، تتحول إلى كارثة كبرى، مما يخلق تعاطفاً وضحكاً نابعاً من القلب.
  • الارتجال: لم يعتمدا على سيناريوهات جامدة، بل كانا يكتفيان بفكرة عامة ثم ينطلقان في بناء المواقف والإفيهات بعفوية تامة.

الفرق بين لوريل وهاردي وتشارلي شابلن

على عكس أسطورة الكوميديا تشارلي شابلن، الذي حملت أفلامه إسقاطات سياسية واجتماعية عميقة، اختار لوريل وهاردي طريقاً مغايراً. كانت رسالتهما الوحيدة هي "الضحك للضحك"، معتمدين على مواقف الحياة اليومية دون تحميل المشاهد أي هموم أيديولوجية، وهو ما ضمن لهما شعبية عابرة للثقافات والحدود.


2. رحلة الصعود من بريطانيا وأمريكا إلى قمة هوليوود

لم يكن اللقاء بين النحيل والبدين محض صدفة سعيدة فحسب، بل كان نتاج مسيرتين حافلتين:

ستان لوريل (العقل المدبر)

  • المولد والنشأة: وُلد آرثر ستانلي جيفرسون (ستان لوريل) في إنجلترا عام 1890 لعائلة مسرحية.
  • بداياته: عمل كبديل لشارلي شابلن في فرقة "فريد كارنو"، وهاجر معه إلى أمريكا.
  • شخصيته: ابتكر شخصية "الأحمق" الشهيرة، واعتمد "قبعة الرامي" (Bowler Hat) كجزء من هويته البصرية.

أوليفر هاردي (العملاق الظريف)

  • المولد والنشأة: وُلد في ولاية جورجيا الأمريكية عام 1892، وعانى من وزنه الزائد الذي تحول لاحقاً إلى مصدر رزقه.
  • بداياته: بدأ مغنياً بفضل صوته المميز، ثم انتقل للسينما ليقدم مئات الأدوار الصامتة، وغالباً ما كان يلعب دور "الشرير" أو الشخصية ثقيلة الظل.

نقطة التحول: التقى الثنائي فنياً لأول مرة في فيلم "الكلب المحظوظ" (1921)، لكن الانطلاقة الحقيقية والشراكة الرسمية بدأت عام 1927 بفيلم "حساء البط"، ليبدأ بعدها عصر "الثنائي المرح".


3. لوريل وهاردي والكساد العظيم الضحك كعلاج

من مفارقات القدر أن العصر الذهبي للوريل وهاردي تزامن مع الكساد الكبير (1929-1940)، وهي الفترة الأسوأ في الاقتصاد العالمي.

  • غزارة الإنتاج: قدما خلال هذه الفترة أكثر من 53 فيلماً.
  • العلاج بالضحك: كانت أفلامهما بمثابة "مسكن للألم" للمواطن البسيط المطحون، حيث ساعدت الكوميديا البسيطة الناس على نسيان الفقر والبطالة ولو لساعات قليلة.
  • السينما الناطقة: ساهم دخول الصوت في زيادة شعبيتهما، حيث خلدت عباراتهما الشهيرة مثل: "حسناً، هذه فوضى لطيفة أخرى أدخلتني فيها".

4. الوجه الآخر ستان لوريل الإنسان

بعيداً عن الكاميرا، يكشف الكتاب جوانب إنسانية مؤثرة في حياة ستان لوريل:

  • الحياة العاطفية: وصف لوريل حياته الشخصية بأنها فوضوية كأفلامه، حيث تعددت زيجاته وعلاقاته، مشيراً بسخرية إلى أنه "تزوج هواياته".
  • هوس المراسلات: في سنوات تقاعده، كان لوريل كاتباً بارعاً للرسائل. تشير الأرشيفات إلى وجود أكثر من 1500 خطاب كتبها للمعجبين والأصدقاء، كاشفاً عن حب غريب للأدوات المكتبية وأنواع الورق، لدرجة تمنيه امتلاك متجر للأدوات المكتبية.

خاتمة

يظل لوريل وهاردي أيقونة سينمائية لا تتكرر. لقد أثبتا أن الكوميديا الصادقة لا تحتاج إلى تعقيدات فلسفية لتعيش، بل تحتاج فقط إلى فهم عميق للنفس البشرية، وقدرة على استخراج الضحك من قلب المآسي اليومية البسيطة. وكما يقول النقاد، هما "ثنائي الفوضى الجميلة" الذي لن ينساه العالم أبداً.

author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات

    google-playkhamsatmostaqltradent