**قصيدة: فجر العدالة**
لَكَمْ شَرِبْنَا كُؤُوسَ الظُّلْمِ مُرَّاتٍ، وَزَادَ الْجَوْرُ وَاشْتَدَّ الْبَلَاءُ.
وَكَانَ لَيْلُ
الْأَسَى يَغْشَى دِيَارَنَا، وَفَوْقَ الرُّؤُوسِ خَيَالُ وَأَسْوَاءُ.
قُيُودٌ مِنْ حَدِيدٍ
كَبَّلَتْ عَزْمًا، وَصَوْتُ الْبُؤْسِ لَا يَسْمَعْهُ إِلْقَاءُ.
وَكَانَتْ شَمْسُنَا
تَخْشَى طُلُوعَ الضَّوْءِ، إِذِ الْأَفْوَاهُ قَدْ حَجَبَتْ ضِيَاءَ.
حَتَّى إِذَا ضَاقَتِ الدُّنْيَا بِمَنْ فِيهَا، وَقَامَ الشَّعْبُ لا يُرْضِيهِ إِرْجَاءُ.
تَزَلْزَلَتِ الْأَرْضُ
مِنْ فِعْلِ الْأَبِيِّ، وَكَانَ الصَّبْرُ مِنْ أَمْسٍ لَنَا وَاءُ.
تَفَجَّرَتْ ثَوْرَةٌ
فِي عُمْقِ بَاطِنِنَا، فَلا لِلسَّيْفِ وَالْقَيْدِ الْيَوْمَ إِبْقَاءُ.
كَأَنَّهُ السَّيْلُ
جَارٍ فِي مَنَاهِلِهِ، يَجْتَاحُ الْجَوْرَ حَيْثُ كَانَ الْإِفْسَاءُ.
. تَهَاوَتْ صَرْحُ
أَرْكَانٍ مُزَخْرَفَةٍ، وَغَاصَ الْبَغْيُ فَالْتَحَفَ الْفَنَاءُ.
. وَلَّى الطُّغَاةُ
كَأَطْيَافٍ مُشَتَّتَةٍ، عَلَيْهِمْ لِلْعُيُونِ الْيَوْمَ إِغْضَاءُ.
. سَقَطَ الْقِنَاعُ،
وَمَاتَ الْوَهْمُ مُنْحَسِرًا، فَلَيْسَ لِلظُّلْمِ فِي الْأَوْطَانِ مَأْوَاءُ.
وَكُسِّرَ السَّيْفُ
حَتَّى خَابَ صَاحِبُهُ، وَكَفُّ الْعَدْلِ لَا يَعْلُوهَا إِفْنَاءُ.
. وَعَادَ الْفَجْرُ
يَغْشَى كُلَّ نَاحِيَةٍ، وَشَقَّ النُّورُ أَسْتَارَ الْبَغِيضَاءِ.
. فَالْحَقُّ بَانَ،
وَأَشْرَقَتْ مَبَادِئُنَا، وَسَادَ السَّلْمُ، وَارْتَفَعَ الْبِنَاءُ.
. الْعَدْلُ أَسَّاسٌ،
وَالْحُرِّيَّةُ غَايَةٌ، وَفِي مَيْدَانِهَا تَصْفُو الدِّمَاءُ.
. تَرَى الْأَجْيَالَ
تَمْشِي بَعْدَ ذِلَّتِهَا، وَفِي عُيُونِهَا لِلْوَطَنِ إِعْلَاءُ.
فَلْتُشْرِقِ الشَّمْسُ حَيْثُ الْقَيْدُ كَانَ هُنَا، وَلْيَزْرَعِ الْوَرْدَ جَمْعٌ وَنُبَلَاءُ.
. احْفَظْ يَا زَمَانُ
تِلْكَ الذِّكْرَيَاتِ لَنَا، فَإِنَّ الْحَقَّ لَا يَطْوِيهِ إِلْغَاءُ.
وَانْشُرْ رِسَالَةَ
أَنَّ الظُّلْمَ مُنْهَزِمٌ، مَهْمَا اسْتَطَالَ، فَلَا يَبْقَى لَهُ دَوَاءُ.
. فَالحَمْدُ لِلَّهِ
إِذْ وَلَّى ظَلَامُهُمْ، وَأَضْحَى الْعِزُّ فِي الْأَوْطَانِ يَتْلَاءُ.