recent
أخبار ساخنة

تطور مفهوم المواطنة عربيًا وعالميًا: دراسة تحليلية عن كتاب مفهوم المواطنة عربيا وعالميا: حسنى عايش

الصفحة الرئيسية

 

تطور مفهوم المواطنة عربيًا وعالميًا: دراسة تحليلية

 

المواطنة، هذا المفهوم المحوري في تشكيل المجتمعات والدول، شهد تطورات عميقة ومتباينة عبر التاريخ وفي مختلف الحضارات. فمنذ نشأة التجمعات البشرية الأولى وحتى الدول الحديثة، ظلت العلاقة بين الفرد والمجموعة، وحقوق كل منهما وواجباته، محل نقاش وتأمل. وفي السياق العربي والإسلامي، كما في الغربي، تشكلت تصورات مختلفة للمواطنة، متأثرة بالرؤى الفلسفية، التشريعات الدينية، التحولات السياسية، والتفاعلات الثقافية.

المواطنة، هذا المفهوم المحوري في تشكيل المجتمعات والدول، شهد تطورات عميقة ومتباينة عبر التاريخ وفي مختلف الحضارات. فمنذ نشأة التجمعات البشرية الأولى وحتى الدول الحديثة، ظلت العلاقة بين الفرد والمجموعة، وحقوق كل منهما وواجباته، محل نقاش وتأمل. وفي السياق العربي والإسلامي، كما في الغربي، تشكلت تصورات مختلفة للمواطنة، متأثرة بالرؤى الفلسفية، التشريعات الدينية، التحولات السياسية، والتفاعلات الثقافية.
تطور مفهوم المواطنة عربيًا وعالميًا: دراسة تحليلية عن كتاب مفهوم المواطنة عربيا وعالميا: حسنى عايش


تطور مفهوم المواطنة عربيًا وعالميًا: دراسة تحليلية عن كتاب مفهوم المواطنة عربيا وعالميا: حسنى عايش


**المواطنة في الفكر الغربي من المدينة الفاضلة إلى الدولة المدنية**

 

تعود جذور مفهوم المواطنة في الفكر الغربي إلى الحضارات اليونانية والرومانية القديمة. في المدن اليونانية (الدول المدن)، كان المواطن يتمتع بحقوق سياسية واجتماعية مقابل واجبات تجاه المدينة. هذه المواطنة كانت حصرية غالبًا، تقتصر على الذكور الأحرار المولودين في المدينة، وتستبعد النساء، العبيد، والأجانب. كانت المشاركة في الشأن العام ركنًا أساسيًا، حيث يشارك المواطنون في اتخاذ القرارات وحماية مجتمعهم.

 

  • مع بزوغ عصر النهضة والتنوير في أوروبا، بدأت مفاهيم جديدة للمواطنة تظهر. فلاسفة مثل جون
  •  لوك، جان جاك روسو، وفولتير، طرحوا نظريات حول الحقوق الطبيعية للإنسان، العقد الاجتماعي
  •  وسيادة الشعب. أدت هذه الأفكار إلى ثورات كبرى، كالثورة الفرنسية والأمريكية، التي رسخت مبادئ
  •  المساواة، الحرية، والمشاركة السياسية كحقوق أساسية لجميع المواطنين. أصبحت المواطنة مرتبطة
  •  بالانتماء إلى الدولة القومية، حيث يتمتع الأفراد بحقوق متساوية أمام القانون بغض النظر عن خلفياتهم
  •  الاجتماعية أو الدينية.

 

في القرن العشرين، تطور مفهوم المواطنة ليشمل الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، كالحق في التعليم، الرعاية الصحية، والعمل. جاء ذلك استجابة للتحديات التي فرضتها الثورات الصناعية والحروب العالمية، وضرورة بناء دول الرفاهية التي تكفل حدًا أدنى من العيش الكريم لجميع مواطنيها. هذا التطور عكس فهمًا أعمق بأن المواطنة لا تقتصر على الجانب السياسي والقانوني، بل تمتد لتشمل قدرة الأفراد على العيش بكرامة والمشاركة الفعالة في المجتمع.

 

**المواطنة في السياق العربي الإسلامي اجتهادات وتحديات**

 

لم يتبلور مفهوم المواطنة بالصيغة الغربية الحديثة في التراث العربي الإسلامي بنفس الشكل، وذلك لاختلاف المنطلقات الفلسفية والسياسية. فلم تظهر في التاريخ الإسلامي فلاسفة حقوق مدنية أو سياسية بالمعنى الغربي الحديث، الذين تجاوزوا السلطة الدينية أو الكنسية لتأسيس مفاهيم علمانية للدولة والمواطنة. ومع ذلك، لم يغب مفهوم العلاقة بين الفرد والدولة عن الفكر الإسلامي، بل تجلى في أطر مختلفة.

 

  1. يمكن تتبع ملامح المواطنة في الفكر الإسلامي من خلال مفاهيم مثل "الأمة" و"دار الإسلام" و"العقد
  2.  الاجتماعي" غير المكتوب بين الحاكم والمحكوم، الذي يستند إلى الشريعة الإسلامية ومبادئ العدل
  3.  والمساواة. فمفهوم "الأمة" يشمل جميع المسلمين، بغض النظر عن عرقهم أو منطقتهم، ويفرض
  4.  عليهم واجبات متبادلة وحقوقًا متساوية في إطار الشريعة. كما أن "ذمة" غير المسلمين في الدولة
  5.  الإسلامية تضمن لهم حقوقًا وحماية مقابل التزامهم بقوانين الدولة.

 

غير أن السياق الحديث للدول العربية، الذي تشكل غالبًا بعد فترة طويلة من الاستعمار والاحتكاك بالثقافة الغربية، قد فرض تحديات وفرصًا جديدة لتطور مفهوم المواطنة. فقد تأثرت الأنظمة السياسية العربية بالنظم الغربية للدولة القومية، مما دفع إلى تبني أطر دستورية وقانونية تتحدث عن حقوق المواطنين وواجباتهم. ومع ذلك، ظلت التحديات قائمة، خاصة فيما يتعلق بتطبيق هذه المفاهيم بشكل كامل.

 

إحدى القضايا التي يبرزها حسني عايش في كتابه "المواطنة والدولة" هي التباس مفهوم "الدولة المدنية". يرى عايش أن الدولة المدنية غالبًا ما تُفهم على أنها نقيض للدولة العسكرية

 

وهذا الفهم لا يكفي لتحقيق المدنية المنشودة. فالمدنية الحقيقية تتجاوز مجرد عدم العسكرة لتشمل فصل السلطات، سيادة القانون، حماية الحريات، والمساواة الكاملة بين جميع المواطنين بغض النظر عن دينهم، عرقهم، طائفتهم، أو جنسهم
.

 

**نحو مواطنة شاملة وفعالة**

 

إن تطور مفهومالمواطنة، سواء عالميًا أو عربيًا، يؤكد على ضرورة بناء مجتمعات تقوم على أسس من العدالة، المساواة، والمشاركة الفاعلة. فالمواطنة الحقيقية ليست مجرد صفة قانونية تمنح للفرد، بل هي حالة من الانتماء والمسؤولية المتبادلة بين الفرد والدولة والمجتمع. عندما يكون المواطن فاعلًا، مسؤولًا، وشريكًا في النظام السياسي، فإن ذلك ينعكس إيجابًا على صحة المجتمع وتقدمه.

 

  • يجب ألا يُحكم على المواطن بغاطسه الزمني (بالتأسيس أو التجنيس)، أو حسب عشيرته، منطقته
  •  دينه، طائفته، أو عرقه. بل يجب أن يكون معيار الحكم هو سلوكه وأداؤه، ومساهمته في بناء مجتمع
  •  أفضل. هذا يتطلب تعزيز سيادة القانون، استقلال القضاء، احترام حقوق الإنسان، وتوفير فرص
  •  متساوية للجميع.

 

في الختام

 يمكن القول إن المواطنة هي عملية ديناميكية تتطور باستمرار، تتطلب حوارًا مجتمعيًا مستمرًا، إصلاحات سياسية وقانونية، وتعزيزًا للثقافة المدنية. إن بناء مواطنة شاملة وفعالة هو مفتاح تحقيق الاستقرار، التنمية، والرخاء في أي مجتمع، عربيًا كان أو عالميًا.

author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات

    google-playkhamsatmostaqltradent