محمود غنيم: شاعرٌ مصريٌّ أصيلٌ مُتأثّرٌ بروح الريف
**مقدمة:**
يُعدّ الشاعر محمود غنيم واحداً من
أبرز شعراء مصر في القرن العشرين. فقد برز بتمسكه بأصول الشعر العربي ونُهجه
الكلاسيكي، كما عُرف بحسه المرهف وكلماته الرقيقة التي تعبر عن تأثره بالطبيعة والبيئة
الريفية التي نشأ فيها..
 |
| الشاعر محمود غنيم |
**بداياته وحياته:**
وُلد محمود غنيم في 25 ديسمبر 1901
في قرية مليج التابعة لمحافظة المنوفية في مصر. نشأ وسط بيئة ريفية هادئة غنية
بالطبيعة الخلابة، حيث تفتح عيناه على نقاء الريف وخضرة حقوله. تأثر هذا المشهد
المبكر بأعماله الأدبية لاحقاً، لِتُصبح روح الريف من أهم مصادر إلهامه.
بدأ تعليمه بحفظ القرآن الكريم
والكتاب، ثم انتقل إلى مدرسة القضاء الشرعي في طنطا وهو في الثالثة عشر من العمر. أمضى
فيها أربع سنوات ثم انتقل إلى مدرسة القضاء الشرعي في القاهرة، ليدرس فيها لمدة
ثلاث سنوات، إلا أنّه لم يحصل على شهادته من هذه المدرسة نتيجة إلغاء دراسته قبل
الانتهاء منها.
- بعد ذلك توجه إلى المعاهد الدينية وحصل على الشهادة الثانوية،
- ثم التحق بمدرسة دار العلوم في عام 1925م وتخرج منها عام 1929م.
- بعد تخرجه، عمل غنيم في مهنة
التعليم، ليُصبح مدرسًا شغوفًا بنقل المعرفة ونشر الثقافة.
**رحلته مع الشعر:**
بدأ محمود غنيم رحلته مع الشعر
مبكرًا، حيث طوّر موهبته في فن الشعر واكتسب مهارة عالية في صياغة الكلمات ونظمها. سرعان ما لُوحظت موهبته، وبدأت المجلات المصرية
والعربية في نشر قصائده بشكلٍ منتظم. من أشهر المجلات التي نشرت له: مجلة البلاغ
الأسبوعية، مجلة السياسة الأسبوعية، الأهرام، المصري، الثقافة، دار العلوم، العصبة
الأندلسية، ومجلة الحج السعودية.
**دواوينه وأعماله الشعرية:**
جمع محمود غنيم أشعاره ونشرها في
عدّة دواوين، لِتُصبح إرثًا أدبيًا غنيًا يُؤرخ لحياته وتجرباته الشعرية. يُعدّ
ديوانه الأول "صرخة في واد" الذي
نُشر عام 1947م، علامة بارزة في مسيرته الشعرية. وقد حصل هذا الديوان على الجائزة
الأولى في أول مسابقة شعرية أقيمت في القاهرة.
أما ديوانه الثاني "في ظلال
الثورة" الذي جمع فيه أشعاره المنشورة في المجلات والصحف ومختلف المناسبات،
فقد حصل على العديد من الجوائز التشجيعية في عام 1963م.
ومن دواوينه الشهيرة أيضًا ديوان "رجع
الصدى" الذي تمّ طباعته بعد وفاته عام 1979م بواسطة دار الشعب. يمتاز هذا الديوان بتمجيده للقيم الإسلامية
والمبادئ التي تأثّر بها غنيم من تاريخ الإسلام.
**نهجه الشعري وآراؤه النقدية:**
كان محمود غنيم من أشدّ أنصار الشعر
العربي الكلاسيكي، وقد تأثّر بالشعراء المحافظين مثل البارودي وشوقي وحافظ إبراهيم.
اعتمد في أشعاره على أوزان الخليل وقوافيه التقليدية، ورفض الشعر الحرّ بكلّ صرامة.
عُرف غنيم بآرائه النقدية الصريحة
التي تُعبر عن نهجه الشعري، ومن أهمّ هذه الآراء:
- * اعتقادًا أنّ النقد يجب أن يتحرّر من الأهواء والميول الشخصية.
- * تمجيد الشعر الذي يلتزم بالعمود الشعري، نظراً لصياغته وأصالته.
- * إنكار رأي الذين يعيبون شعر المناسبات.
- * لزوم الوضوح في الشعر.
**الخلاصة:**
يمتاز محمود غنيم بأسلوبه السهل الممتنع، وكلماته الرقيقة التي تُحاكي جمال الريف وطبيعة الحياة البسيطة. يُعدّ واحداً من الشعراء الذين حافظوا على تراث الشعر العربي الكلاسيكي، مع إضافة لمسته الخاصة التي تميزت بالصدق والبساطة والرقة