نجيب سرور .. كيف وظف
الأغنية الشعبية في أعماله المسرحية؟
تحل اليوم ذكرى ميلاد
الشاعر والكاتب المسرحي الكبير نجيب سرور، الذي أثرى المكتبة العربية بمجموعة من
المؤلفات البارزة في الشعر والمسرح، واهتم بالتراث الشعبي حتى أنه وظف الأغنية
الشعبية في أعماله المسرحية بشكل مميز
 |
نجيب سرور .. كيف وظف الأغنية الشعبية في أعماله المسرحية؟ |
كان نجيب سرور مدركًا
للثراء الفني والثقافي الذي يزخر به التراث الشعبي، خاصةً في مصر، حيث استمدت
الأغنية الشعبية قوةً من عراقة الثقافة المصرية، واستطاعت أن تعبر عن مشاعر الناس
وأفكارهم، وترسخ في الذاكرة الشعبية كشكل من أشكال التواصل الثقافي
.
من التراث الشعبي إلى
المسرح:
أدرك نجيب سرور قيمة
هذا التراث الشعبي، واعتبره من أهم مصادر الإلهام في أعماله المسرحية. فلم يكتفِ
باختيار موضوعات من التراث الشعبي، بل وظف اللغة الشعبية والأغاني الشعبية في
نصوصه المسرحية، مقدمًا إياها بوعيٍ دقيقٍ، لخلق مسرحٍ عربيٍ أصيلٍ، يعكس ثقافة
الشعب وتراثه
.
ثلاثية نجيب سرور:
ظهرت موهبة نجيب سرور
في توظيف الأغنية الشعبية بشكلٍ واضحٍ في ثلاثيته المشهورة:
"ياسين وبهية"
(1946): استلهم سرور في هذه المسرحية جوهر الموال الشعبي المصري، ولكنّه تخلى عن
الإطار المكاني للصعيد، الذي نشأ فيه الموال، واستبدله بإطارٍ ريفيٍ آخر؛ وهو قرية
"بهوت". وقد اعتبرت قرية "بهوت" رمزًا للصراع ضد الطبقية في
مصر، حيث دارت فيها أعنف المعارك قبل ثورة
1952.
"آه يا ليل يا قمر"
(1966): تستمر الثلاثية بمسرحية "آه يا ليل يا قمر"، التي تعبر عن
الواقع الاجتماعي والسياسي في مصر، وتستخدم الأغنية الشعبية كوسيلة للتعبير عن
أحاسيس الشخصيات، وتُقدم مشاعر الحب والألم والوطنية
.
"قولوا لعين الشمس"
(1972): تُختتم الثلاثية بمسرحية "قولوا لعين الشمس"، التي تتعرض إلى
قضايا الفلاحين والفقر والفساد في المجتمع المصري، وتستخدم الأغنية الشعبية كوسيلة
للتعبير عن معاناة الفلاحين، ولتأكيد ضرورة التغيير وتحقيق العدالة الاجتماعية
.
كيف وظف سرور الأغنية
الشعبية؟:
يُمكن تلخيص استخدام
نجيب سرور للأغنية الشعبية في أعماله المسرحية في النقاط التالية:
اللغة: اعتنى نجيب سرور
باستخدام اللغة العامية في حواراته المسرحية، ليتناسب مع شخصياته المستمدة من
الواقع الشعبي، ولتُصبح الأغنية الشعبية جزءًا لا يتجزأ من خطاب المسرحية
.
الموسيقى: استخدم نجيب
سرور الألحان الشعبية في أعماله، إما عن طريق دمجها مع حواراته، أو عن طريق
تقديمها بشكلٍ منفصلٍ، مما أدى إلى إثراء العمل المسرحي وإضفاء طابعٍ شعبيٍ عليه
.
الموضوع: اختار نجيب
سرور موضوعات من التراث الشعبي لتُصبح أساسًا لأعماله المسرحية، واستمد منها مشاعر
الشخصيات وأفكارهم، مُقدمًا إياها في إطارٍ مُعاصرٍ، ليقارب الواقع الاجتماعي بتلك
اللغة الشعبية الذي يفهمها الناس.
ياسين وبهية .. مثال
واضح
:
يمكن أن نرى كيف وظف
نجيب سرور الأغنية الشعبية في مسرحية "ياسين وبهية". فقد أخذ من الموال
الشعبي الجوهر العام والمشاعر التي يعبر عنها، ولكنه تخلى عن الإطار المكاني
للصعيد، واستبدله بالريف، مُقدمًا صورة للواقع المصري في ذلك الوقت.
تُقدم "ياسين
وبهية" شخصياتٍ مستمدة من الواقع الشعبي، كـ "ياسين" الفلاح الفقير
الذي يُحب "بهية" بجنون، و "بهية" الفتاة المثقفة التي تُدرك
صعوبة الواقع الذي يُحيط بها. وتُجسد الأغنية الشعبية مشاعر الشخصيات وتُعبر عن
أحلامهم ومشاكلهم
.
تطوير شكل المسرح
العربي:
قدم نجيب سرور من خلال
أعماله مسرحًا جديدًا للجمهور العربي، مسرحًا يستمد مُلهمه من التراث الشعبي،
ولكنه يُقدم قضايا ومشكلات ومواضيع مُعاصرة. كان هدفه هو تطوير شكل المسرح العربي
واستخدام الأغنية الشعبية كوسيلةٍ للتواصل مع الجمهور وإثراء الحوار الاجتماعي
.
أهمية تراث نجيب سرور:
يُعد تراث نجيب سرور من
الكنوز التي يُمكن الاستفادة منها في العصر الحالي. فمن خلال أعماله يُمكن للجمهور
الحديث التعرف على ثقافة الشعوب والتراث الشعبي الذي يُمثل جزءًا أساسيًا من
هويتهم
.
تراث مستمر:
يُمكن الاستفادة من
تراث نجيب سرور في تطوير المسرح العربي وإحياء الأغنية الشعبية، وذلك من خلال
إعادة إحياء أعماله وتقديمها للأجيال الجديدة، وذلك باستخدام التقنيات الحديثة في
الإخراج والإضاءة والديكور
.
خاتمة: