أفكار الثقافة وألآدب أفكار الثقافة وألآدب
random

آخر الأخبار

random
recent
جاري التحميل ...

بنداري: رحلة رجل بسيط عبر تاريخ مصر الحديث

 

 

بنداري: رحلة رجل بسيط عبر تاريخ مصر الحديث

"اليوم هو آخر يوم لعم بنداري في خدمة الحكومة". بهذه الجملة البسيطة يفتتح الكاتب الراحل كمال رحيم روايته الأخيرة، "بنداري"، كاشفًا عن نهاية رحلة ليست لبطل الرواية فحسب، بل ربما أيضًا لنهاية رحلة الكاتب نفسه مع عالم الأدب. تحمل الرواية في طياتها حكاية رجل بسيط، حارس "الشونة"، الذي يمثل رمزًا لمصر البسيطة التي عاشت تحولات جذرية عبر عقود طويلة


بنداري: رحلة رجل بسيط عبر تاريخ مصر الحديث

بنداري: رحلة رجل بسيط عبر تاريخ مصر الحديث





.

بنداري، ذلك الرجل الذي كان يسرحبالبهائم في شبابه، لم يستسلم لقيود واقعه. طموحه ورغبته في حياة أفضل دفعاه للعمل كحارس للشونَة، ذلك المبنى العريق الذي شهد تحولات مصر الاقتصادية والاجتماعية منذ عهد الملكية مرورًا بالثورة وصولًا لعصر التأميم. كانت الشونَة في البداية مخزنًا للحبوب، ثم تحولت لبنك التسليف الزراعي في عهد الملك فؤاد، لتشهد على تحولات الريف المصري وتطوره

 

.

عبر شخصية بنداري، يرسم رحيم لوحةبانورامية للحياة المصرية البسيطة بكل تفاصيلها. نرى طيبة أهل الريف، بساطتهم، عاداتهم وتقاليدهم، وأحلامهم البسيطة. نتعرف على علاقته بزوجته وأولاده، ونتابع صراعاته اليومية وهمومه البسيطة التي تعكس هموم فئة كبيرة من الشعب المصري. يسلط رحيم الضوء على تأثير الأحداث السياسية والاقتصادية على حياة هؤلاء البسطاء، وكيف أنهم رغم كل التحديات يظلون متمسكين بالأمل والتفاؤل

 

.

لا تقتصر الرواية على سرد حياة بنداري فحسب، بل تتجاوز ذلك لتقدم لنا صورة حيّة لتاريخ مصر الحديث. فمن خلال عمله في الشونَة، يصبح بنداري شاهدًا على التحولات الجذرية التي مرت بها البلاد. نرى تأثيرثورة يوليو على الريف المصري، وكيف أدت إلى تحسين حياة الفلاحين. نرى أيضًا تداعيات التأميم على الاقتصاد المصري، وكيف أثرت على حياة الموظفين البسطاء.

تعد "بنداري" أكثر من مجرد رواية؛ إنها سجل تاريخي واجتماعي يرصد التحولات التي طرأت على مصر خلال القرن العشرين. لغة رحيم السلسة والأخاذة تجعل القارئ يعيش الأحداث بكل حواسه. الشخصيات التي يرسمها نابضة بالحياة، وكأنها خرجت من صميم الواقع المصري

 

.

مع اقتراب الرواية من نهايتها، يجد بنداري نفسه متقاعدًا، يخطو خطواته الأولى نحو عالم جديد لا يعرفه. تلك الخطوات توازى خطوات مصر نحو مستقبل مجهول، وتحمل في طياتها الكثير من التساؤلات والقلق.

في خاتمة الرواية، يتركنا رحيم مع صورة بنداري وهو يتجول في شوارع بلدته، كأنه يكتشفها للمرة الأولى. تلك الصورة الرمزية تعكس حالة مصر التي تبحث عن ذاتها وهويتها بعد عقود من التغيرات والتحولات.

"بنداري" هي تحفة أدبية تستحق القراءةوالتأمل. إنها ليست مجرد قصة عن حارس بسيط، بل هي قصة عن مصر بكل ما فيها من تناقضات وجمال. إنها دعوة للتأمل في تاريخنا، وفهم حاضرنا، والتطلع لمستقبل أفضل.

 

عن الكاتب

Tamer Nabil Moussa الزمان والمكان يتبدلان والفكر والدين يختلفان والحب واحد فى كل مكان /بقلمى انسان بسيط عايش فى هذا الزمان

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

أفكار الثقافة وألآدب